فصل: (فصل: أنواع الشرط الفاسد)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شرح منتهى الإرادات ***


فَصْلٌ‏:‏ فِي مَوَانِعِ صِحَّةِ الْبَيْعِ

‏(‏وَلَا يَصِحُّ بَيْعٌ‏)‏ وَلَوْ قَلَّ الْمَبِيعُ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ جُمُعَةٌ ‏(‏وَلَا‏)‏ يَصِحُّ ‏(‏شِرَاءٌ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ جُمُعَةٌ‏)‏ وَلَوْ بِغَيْرِهِ ‏(‏بَعْدَ نِدَائِهَا‏)‏ أَيْ أَذَانِ الْجُمُعَةِ أَيْ الشُّرُوعِ فِيهِ، وَلَوْ لِأَحَدِ جَامِعَيْنِ بِالْبَلَدِ قَبْلَ أَنْ يُؤَذَّنَ فِي الْآخَرِ، صَحَّحَهُ فِي الْفُصُولِ ‏(‏الَّذِي عِنْدَ الْمِنْبَرِ‏)‏ عَقِبَ جُلُوسِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ‏}‏ وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ، وَخُصَّ بِالنِّدَاءِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ الْمَعْهُودُ فِي زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِهِ وَالشِّرَاءُ أَحَدُ شِقَّيْ الْعَقْدِ، فَكَانَ كَالشِّقِّ الْآخَرِ‏.‏

قَالَ ‏(‏الْمُنَقِّحُ‏:‏ أَوْ قَبْلَهُ‏)‏ أَيْ النِّدَاءِ الثَّانِي ‏(‏لِمَنْ مَنْزِلُهُ بَعِيدٌ، بِحَيْثُ إنَّهُ يُدْرِكُهَا‏:‏ انْتَهَى‏)‏‏.‏

قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ‏:‏ وَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي وَقْتِ لُزُومِ السَّعْيِ إلَى الْجُمُعَةِ انْتَهَى، وَيَسْتَمِرُّ التَّحْرِيمُ إلَى انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ ‏(‏إلَّا مِنْ حَاجَةٍ كَمُضْطَرٍّ إلَى طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ يُبَاعُ‏)‏ فَلَهُ شِرَاؤُهُ لِحَاجَتِهِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ كَ ‏(‏عُرْيَانٍ وَجَدَ سُتْرَةً‏)‏ فَلَهُ شِرَاؤُهَا ‏(‏وَكَفَنٍ وَكَمُؤْنَةِ تَجْهِيزٍ لِمَيِّتٍ خِيفَ فَسَادُهُ بِتَأَخُّرِ‏)‏ تَجْهِيزِهِ حَتَّى تُصَلِّيَ ‏(‏وَ‏)‏ كَ ‏(‏وُجُودِ أَبِيهِ أَوْ نَحْوِهِ‏)‏ كَأُمِّهِ وَأَخِيهِ ‏(‏يُبَاعُ مَعَ مَنْ لَوْ تَرَكَهُ‏)‏ حَتَّى يُصَلِّيَ ‏(‏لَذَهَبَ‏)‏ بِهِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ كَشِرَاءِ ‏(‏مَرْكُوبٍ لِعَاجِزٍ‏)‏ عَنْ مَشْيٍ إلَى الْجُمُعَةِ ‏(‏أَوْ‏)‏ شِرَاءِ ‏(‏ضَرِيرٍ عَدِمَ قَائِدًا‏)‏ مَنْ يَقُودُهُ إلَى الْجُمُعَةِ ‏(‏وَنَحْوِهِ‏)‏ كَشِرَاءِ مَاءِ طَهَارَةٍ، عُدِمَ غَيْرُهُ، فَيَصِحُّ لِلْحَاجَةِ‏.‏

‏(‏وَكَذَا‏)‏ أَيْ لَا يَصِحُّ بَيْعٌ وَلَا شِرَاءٌ مِنْ مُكَلَّفٍ ‏(‏لَوْ تَضَايَقَ وَقْتُ مَكْتُوبَةٍ‏)‏ وَلَوْ جُمُعَةً لَمْ يُؤَذَّنْ لَهَا حَتَّى يُصَلِّيَهَا، لِوُجُودِ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ مُنِعَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ بَعْدَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ، وَعُلِمَ مِمَّا سَبَقَ‏:‏ صِحَّةُ الْعَقْدِ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ، كَالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمُسَافِرِ وَإِبَاحَتُهُ لَهُ، لَكِنْ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا تَلْزَمُهُ، وَوُجِدَ مِنْهُ الْإِيجَابُ أَوْ الْقَبُولُ بَعْدَ النِّدَاءِ حَرُمَ وَلَمْ يَنْعَقِدْ لِمَا تَقَدَّمَ‏.‏

قَالَ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ‏:‏ وَكُرِهَ لِلْآخَرِ ‏(‏وَيَصِحُّ إمْضَاءُ بَيْعِ خِيَارٍ وَبَقِيَّةُ الْعُقُودِ‏)‏ مِنْ إجَارَةٍ وَصُلْحٍ، وَقَرْضٍ، وَرَهْنٍ، وَغَيْرِهَا بَعْدَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ لَا يُسَاوِيهِ فِي التَّشَاغُلِ الْمُؤَدِّي لِفَوَاتِهَا ‏(‏وَتَحْرُمُ مُسَاوِمَةٌ وَمُنَادَاةٌ‏)‏ بَعْدَ نِدَاءِ جُمُعَةٍ ثَانٍ؛ لِأَنَّهُمَا وَسِيلَةٌ لِلْبَيْعِ الْمُحَرَّمِ إذَنْ، وَتَحْرُمُ أَيْضًا الصِّنَاعَاتُ كُلُّهَا‏.‏

‏(‏وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ عِنَبٍ‏)‏ أَوْ زَبِيبٍ وَنَحْوِهِ ‏(‏أَوْ عَصِيرٍ لِمُتَّخِذِهِ خَمْرًا‏)‏ وَلَوْ ذِمِّيًّا ‏(‏وَلَا‏)‏ بَيْعُ ‏(‏سِلَاحٍ وَنَحْوِهِ‏)‏ كَتُرْسٍ وَدَرْعٍ ‏(‏فِي فِتْنَةٍ، أَوْ لِأَهْلِ حَرْبٍ، أَوْ قُطَّاعِ طَرِيقٍ مِمَّنْ عَلِمَ ذَلِكَ‏)‏ مِمَّنْ يَشْتَرِيهِ ‏(‏وَلَوْ بِقَرَائِنَ، وَلَا‏)‏ بَيْعُ ‏(‏مَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ وَمَشْمُومٍ وَقَدَحٍ لِمَنْ يَشْرَبُ عَلَيْهِ‏)‏ أَيْ الْمَأْكُولِ أَوْ الْمَشْرُوبِ أَوْ الْمَشْمُومِ مُسْكِرًا ‏(‏أَوْ‏)‏ يَشْرَبُ ‏(‏بِهِ‏)‏ أَيْ الْقَدَحِ ‏(‏مُسْكِرًا، وَ‏)‏ لَا بَيْعُ ‏(‏جَوْزٍ وَبَيْضٍ وَنَحْوِهِمَا‏)‏ كَبُنْدُقٍ ‏(‏لِقِمَارٍ، وَ‏)‏ لَا بَيْعِ ‏(‏غُلَامٍ وَأَمَةٍ لِمَنْ عُرِفَ بِوَطْءِ دُبُرٍ، أَوْ بِغِنَاءٍ‏)‏ بِالْمَدِّ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ‏}‏ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى عَيْنٍ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِهَا، فَلَمْ يَصِحَّ كَإِجَارَةِ الْأَمَةِ لِلزِّنَا أَوْ الْغِنَاءِ ‏(‏وَلَوْ اُتُّهِمَ ب‏)‏ وَطْءِ ‏(‏غُلَامِهِ فَدَبَّرَهُ أَوَّلًا‏)‏ إذْ التَّدْبِيرُ لَا يَمْنَعُ الْبَيْعَ ‏(‏وَهُوَ‏)‏ أَيْ السَّيِّدُ ‏(‏فَاجِرٌ مُعْلِنٌ‏)‏ بِفُجُورِهِ ‏(‏أُحِيلَ بَيْنَهُمَا‏)‏ أَيْ السَّيِّدِ وَغُلَامِهِ دَفْعًا لِتِلْكَ الْمَفْسَدَةِ ‏(‏كَمَجُوسِيٍّ تُسْلِمُ أُخْتُهُ‏)‏ وَنَحْوِهَا ‏(‏وَيُخَافُ أَنْ يَأْتِيَهَا‏)‏ فَيُحَالُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَاجِرًا مُعْلِنًا لَمْ يُحَلْ بَيْنَهُمَا إنْ لَمْ تَثْبُتْ التُّهْمَةُ ‏(‏وَلَا‏)‏ يَصِحُّ بَيْعُ ‏(‏قِنٍّ مُسْلِمٍ لِكَافِرٍ‏)‏ وَلَوْ وَكِيلًا لِمُسْلِمٍ ‏(‏لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ‏)‏ كَالنِّكَاحِ فَإِنْ كَانَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَأَبِيهِ وَابْنِهِ وَأَخِيهِ، صَحَّ شِرَاؤُهُ لَهُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ، بَلْ يَعْتِقُ فِي الْحَالِ، وَيَحْصُلُ لَهُ مِنْ إهَانَةِ الرِّقِّ فِي لَحْظَةٍ يَسِيرَةٍ ‏(‏وَإِنْ أَسْلَمَ‏)‏ قِنٌّ ‏(‏فِي يَدِهِ‏)‏ أَيْ الْكَافِرِ أَوْ مَلَكَهُ بِنَحْوِ إرْثٍ ‏(‏أُجْبِرَ عَلَى إزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ‏)‏ لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا‏}‏ وَإِنَّمَا ثَبَتَ الْمِلْكُ إذَنْ؛ لِأَنَّ الِاسْتِدَامَةَ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ ‏(‏وَلَا تَكْفِي كِتَابَتُهُ‏)‏ أَيْ الْقِنِّ الْمُسْلِمِ بِيَدِ كَافِرٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تُزِيلُ مِلْكَهُ عَنْهُ ‏(‏وَلَا‏)‏ يَكْفِي ‏(‏بَيْعُهُ بِخِيَارٍ‏)‏؛ لِأَنَّ عَلَقَتَهُ لَمْ تَنْقَطِعْ عَنْهُ ‏(‏وَبَيْعٌ‏)‏ مُبْتَدَأٌ ‏(‏عَلَى بَيْعِ مُسْلِمٍ‏)‏ مُحَرَّمٌ، لِحَدِيثِ‏:‏ ‏{‏لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ‏}‏ ‏(‏كَقَوْلِهِ لِمُشْتَرٍ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ‏:‏ أُعْطِيكَ مِثْلَهُ بِتِسْعَةٍ‏)‏ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ ‏(‏وَشِرَاءٌ عَلَيْهِ‏)‏ أَيْ شِرَاءٌ عَلَى شِرَاءِ مُسْلِمٍ مُحَرَّمٌ، ‏(‏كَقَوْلِهِ لِبَائِعٍ شَيْئًا بِتِسْعَةٍ‏:‏ عِنْدِي فِيهِ عَشَرَةٌ، زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ‏)‏ أَيْ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ، بَلْ يُسَمَّى بَيْعًا، وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْمُسْلِمِ وَالْإِفْسَادِ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ لُزُومِ الْبَيْعِ لَمْ يَحْرُمْ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ الْفَسْخِ إذَنْ‏.‏

‏(‏وَسَوْمٌ‏)‏ بِالرَّفْعِ ‏(‏عَلَى سَوْمِهِ‏)‏ أَيْ الْمُسْلِمِ ‏(‏مَعَ الرِّضَا‏)‏ مِنْ بَائِعٍ ‏(‏صَرِيحًا مُحَرَّمٌ‏)‏ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا‏:‏ ‏{‏لَا يَسُمْ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ‏}‏ رَوَاهُ مُسْلِمٌ‏.‏

فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالرِّضَا لَمْ يَحْرُمْ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَزَالُوا يَتَبَايَعُونَ فِي أَسْوَاقِهِمْ بِالْمُزَايَدَةِ‏.‏

وَ ‏(‏لَا‏)‏ يَحْرُمُ بَيْعٌ وَلَا شِرَاءٌ وَلَا سَوْمٌ ‏(‏بَعْدَ رَدِّ‏)‏ السِّلْعَةِ الْمُبْتَاعَةِ، أَوْ رَدِّ السَّائِمِ فِي مَسْأَلَةِ السَّوْمِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ أَوْ الرِّضَا بَعْدَ الرَّدِّ غَيْرُ مَوْجُودٍ ‏(‏وَلَا‏)‏ يَحْرُمُ ‏(‏بَذْلُ أَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَى‏)‏ كَأَنْ يَقُولَ لِمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِعَشَرَةٍ‏:‏ أُعْطِيكَ مِثْلَهُ بِأَحَدَ عَشَرَ لِأَنَّ الطَّبْعَ يَأْبَى إجَابَتَهُ، وَكَذَا قَوْلُهُ لِبَائِعِ شَيْءٍ بِعَشَرَةٍ‏:‏ عِنْدِي فِيهِ تِسْعَةٌ ‏(‏وَيَصِحُّ الْعَقْدُ‏)‏ أَيْ الْبَيْعُ ‏(‏عَلَى السَّوْمِ‏)‏؛ لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ السَّوْمُ لَا الْبَيْعُ ‏(‏فَقَطْ‏)‏ أَيْ دُونَ الْبَيْعِ عَلَى بَيْعِهِ وَالشِّرَاءِ عَلَى شِرَائِهِ، فَلَا يَصِحَّانِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَهُوَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ ‏(‏وَكَذَا‏)‏ أَيْ الْبَيْعِ ‏(‏إجَارَةٌ‏)‏ وَسَائِرُ الْعُقُودِ، وَطَلَبُ الْوِلَايَاتِ وَنَحْوِهَا، فَيَحْرُمُ أَنْ يُؤَجِّرَ أَوْ أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَى مُسْلِمٍ زَمَنَ الْخِيَارِ أَوْ يَسُومَ لِلْإِجَارَةِ عَلَى سَوْمِهِ فِيهَا بَعْدَ الرِّضَا صَرِيحًا لِلْإِيذَاءِ ‏(‏وَإِنْ حَضَرَ‏)‏ أَيْ قَدِمَ بَلَدًا ‏(‏بَادٍ‏)‏ أَيْ إنْسَانٍ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا ‏(‏لِبَيْعِ سِلْعَتِهِ بِسِعْرِ يَوْمِهَا‏)‏ أَيْ ذَلِكَ الْوَقْتِ ‏(‏وَجَهِلَهُ‏)‏ أَيْ جَهِلَ بَادٍ سِعْرَ سِلْعَتِهِ بِذَلِكَ الْبَلَدِ ‏(‏وَقَصَدَهُ‏)‏ أَيْ الْبَادِي ‏(‏حَاضِرٌ‏)‏ بِالْبَلَدِ ‏(‏عَارِفٌ بِهِ‏)‏ أَيْ السِّعْرِ ‏(‏وَبِالنَّاسِ إلَيْهَا‏)‏ أَيْ السِّلْعَةِ ‏(‏حَاجَةٌ‏)‏ ‏(‏حَرُمَتْ مُبَاشَرَتُهُ‏)‏ أَيْ الْحَاضِرِ ‏(‏الْبَيْعَ لَهُ‏)‏ أَيْ لِلْبَادِي، لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا‏:‏ ‏{‏لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقْ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ‏}‏ وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَتَلَقَّى الرُّكْبَانَ وَأَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ مَا قَوْلُهُ حَاضِرٌ لِبَادٍ‏؟‏ قَالَ‏:‏ لَا يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا‏}‏ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ مَتَى تَرَكَ الْبَادِيَ يَبِيعُ سِلْعَتَهُ اشْتَرَاهَا النَّاس بِرُخْصٍ وَوَسَّعَ عَلَيْهِمْ، وَإِذَا تَوَلَّى الْحَاضِرُ بَيْعَهَا اُمْتُنِعَ مِنْهُ إلَّا بِسِعْرِ الْبَلَدِ فَيَضِيقُ عَلَيْهِمْ‏.‏

‏(‏وَبَطَلَ‏)‏ بَيْعُ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي؛ لِأَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ ‏(‏رَضُوا‏)‏ أَيْ أَهْلُ الْبَلَدِ بِذَلِكَ ‏(‏أَوْ لَا‏)‏ لِعُمُومِ الْخَبَرِ وَإِذَا فُقِدَ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ‏)‏ بِأَنْ كَانَ الْقَادِمُ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ، أَوْ بَعَثَ بِهَا لِلْحَاضِرِ، أَوْ قَدِمَ الْبَادِي لَا لِبَيْعِ السِّلْعَةِ، أَوْ لِبَيْعِهَا لَا بِسِعْرِ الْوَقْتِ أَوْ لِبَيْعِهَا بِهِ وَلَكِنْ لَا يَجْهَلُهُ أَوْ جَهِلَهُ وَلَمْ يَقْصِدْهُ الْحَاضِرُ الْعَارِفُ، أَوْ قَصَدَهُ وَلَمْ يَكُنْ بِالنَّاسِ إلَيْهَا حَاجَةٌ ‏(‏صَحَّ‏)‏ الْبَيْعُ لِزَوَالِ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ امْتَنَعَ بَيْعُهُ لَهُ ‏(‏كَشِرَائِهِ‏)‏ أَيْ الْحَاضِرِ ‏(‏لَهُ‏)‏ أَيْ الْبَادِي فَيَصِحُّ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ بِلَفْظِهِ وَلَا مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الشِّرَاءِ لَهُ تَوْسِعَةٌ عَلَى النَّاسِ وَلَا تَضْيِيقٌ ‏(‏وَيُخْبِرُ‏)‏ وُجُوبًا عَارِفٌ بِسِعْرٍ ‏(‏مُسْتَخْبِرًا‏)‏ جَاهِلًا ‏(‏عَنْ سِعْرٍ جَهِلَهُ‏)‏ لِوُجُوبِ النُّصْحِ، وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يُشِيرَ حَاضِرٌ عَلَى بَادٍ بِلَا مُبَاشَرَةِ بَيْعٍ لَهُ ‏(‏وَمَنْ خَافَ ضَيْعَةَ مَالِهِ‏)‏ بِنَهْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ غَصْبٍ وَنَحْوِهِ إنْ بَقِيَ بِيَدِهِ ‏(‏أَوْ‏)‏ خَافَ ‏(‏أَخْذَهُ‏)‏ مِنْهُ ‏(‏ظُلْمًا‏)‏ فَبَاعَهُ ‏(‏صَحَّ بَيْعُهُ لَهُ‏)‏ لِعَدَمِ الْإِكْرَاهِ ‏(‏وَمَنْ اسْتَوْلَى عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ بِلَا حَقٍّ‏)‏ كَغَصْبِهِ ‏(‏أَوْ جَحْدِهِ‏)‏ أَيْ حَقِّ غَيْرِهِ حَتَّى بَيْعِهِ إيَّاهُ ‏(‏أَوْ مَنَعَهُ‏)‏ أَيْ الْغَيْرُ حَقَّهُ ‏(‏حَتَّى يَبِيعَهُ إيَّاهُ فَفَعَلَ‏)‏ أَيْ بَاعَهُ إيَّاهُ لِذَلِكَ ‏(‏لَمْ يَصِحَّ‏)‏ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ مُلْجَأٌ إلَيْهِ ‏(‏وَمَنْ أَوْدَعَ شَهَادَةً‏)‏ خَوْفًا عَلَى ضَيَاعِ مَالِهِ ‏(‏فَقَالَ‏:‏ اشْهَدُوا أَنِّي أَبِيعُهُ‏)‏ لِزَيْدٍ مَثَلًا خَوْفًا وَتَقِيَّةً ‏(‏أَوْ‏)‏ أَنِّي ‏(‏أَتَبَرَّعُ بِهِ‏)‏ لَهُ ‏(‏خَوْفًا‏)‏ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ ‏(‏وَتَقِيَّةً‏)‏ لِشَرِّهِ، ثُمَّ بَاعَهُ أَوْ تَبَرَّعَ لَهُ بِهِ ‏(‏عُمِلَ بِهِ‏)‏ أَيْ بِإِيدَاعِهِ الشَّهَادَةَ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى حِفْظِ مَالِهِ إذْ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ أَنَّهُ بَاعَ أَوْ تَبَرَّعَ خَوْفًا أَوْ تَقِيَّةً بِلَا بَيِّنَةٍ ‏(‏وَمَنْ قَالَ لِآخَرَ‏:‏ اشْتَرِنِي مِنْ زَيْدٍ فَإِنِّي عَبْدُهُ، فَفَعَلَ‏)‏ أَيْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ ‏(‏فَبَانَ‏)‏ الْقَائِلُ ‏(‏حُرًّا فَإِنْ أَخَذَ‏)‏ الْقَائِلُ ‏(‏شَيْئًا‏)‏ مِنْ الثَّمَنِ ‏(‏غَرِمَهُ‏)‏ لِرَبِّهِ؛ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، كَالْغَصْبِ ‏(‏وَإِلَّا‏)‏ يَأْخُذْ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ ‏(‏لَمْ تَلْزَمْهُ الْعُهْدَةُ‏)‏ أَيْ ضَمَانُ مَا قَبَضَهُ الْبَائِعُ مِنْ الثَّمَنِ ‏(‏حَضَرَ الْبَائِعُ أَوْ غَابَ‏)‏؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ مِنْهُ الْإِقْرَارُ دُونَ الضَّمَانِ ‏(‏كَ‏)‏ يَقُولُ إنْسَانٌ لِآخَرَ ‏(‏اشْتَرِ مِنْهُ عَبْدَهُ هَذَا‏)‏ فَاشْتَرَاهُ وَظَهَرَ حُرًّا‏.‏

فَإِنْ أَخَذَ الْقَائِلُ شَيْئًا رَدَّهُ وَإِلَّا لَمْ تَلْزَمْهُ الْعُهْدَةُ‏.‏

وَلَوْ غَابَ الْبَائِعُ ‏(‏وَأُدِّبَ‏)‏ مَنْ قَالَ اشْتَرِنِي مِنْ زَيْدٍ فَإِنِّي عَبْدُهُ، أَوْ قَالَ‏:‏ اشْتَرِ مِنْهُ عَبْدَهُ هَذَا ‏(‏هُوَ وَبَائِعٌ‏)‏ نَصًّا لِتَغْرِيرِهِمَا الْمُشْتَرِي ‏(‏وَتُحَدُّ مُقِرَّةٌ‏)‏ أَيْ حُرَّةٌ قَالَتْ لِآخَرَ‏:‏ اشْتَرِنِي مِنْ فُلَانٍ فَإِنِّي أَمَتُهُ فَفَعَلَ ‏(‏وُطِئَتْ‏)‏ لِزِنَاهَا مَعَ الْعِلْمِ ‏(‏وَلَا مَهْرَ‏)‏ لَهَا نَصًّا؛ لِأَنَّهَا زَانِيَةٌ مُطَاوِعَةٌ ‏(‏وَيَلْحَقُ الْوَلَدُ‏)‏ بِمُشْتَرٍ؛ لِأَنَّهُ وَطِئَهَا يَعْتَقِدُهَا أَمَتَهُ فَوَطْؤُهُ وَطْءُ شُبْهَةٍ وَكَذَا لَوْ زَوَّجَهَا مُشْتَرٍ مِمَّنْ يَجْهَلُ الْحَالَ فَوَطِئَهَا ‏(‏وَمَنْ بَاعَ شَيْئًا بِثَمَنٍ نَسِيئَةً‏)‏ أَيْ مُؤَجَّلٍ ‏(‏أَوْ‏)‏ بِثَمَنٍ حَالٍّ ‏(‏لَمْ يُقْبَضْ حُرِّمَ وَبَطَلَ شِرَاؤُهُ‏)‏ أَيْ الْبَائِعِ ‏(‏لَهُ‏)‏ أَيْ لَمَا بَاعَهُ وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ ‏(‏مِنْ مُشْتَرِيهِ‏)‏ مِنْهُ، وَلَوْ بَعْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ ‏(‏بِنَقْدٍ مِنْ جِنْسِ‏)‏ النَّقْدِ ‏(‏الْأَوَّلِ‏)‏ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ إنْ كَانَ ‏(‏أَقَلَّ مِنْهُ‏)‏ أَيْ الْأَوَّلِ ‏(‏وَلَوْ‏)‏ كَانَ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ ثَانِيًا ‏(‏نَسِيئَةً‏)‏ لِخَبَرِ أَحْمَدَ وَسَعِيدٍ عَنْ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ امْرَأَتِهِ الْعَالِيَةِ قَالَتْ ‏"‏ دَخَلْتُ أَنَا وَأُمُّ وَلَدِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ أُمُّ وَلَدِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ‏:‏ إنِّي بِعْتُ غُلَامًا مِنْ زَيْدٍ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ إلَى الْعَطَاءِ ثُمَّ اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ نَقْدًا، فَقَالَتْ لَهَا بِئْسَ مَا اشْتَرَيْتُ وَبِئْسَ مَا شَرَيْتَ أَبْلَغِي زَيْدًا أَنَّ جِهَادَهُ مَعَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَطَلَ إلَّا أَنْ يَتُوبَ ‏"‏ وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ إلَّا بِتَوْقِيفٍ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ ذَرِيعَةٌ إلَى الرِّبَا‏.‏

‏(‏وَكَذَا الْعَقْدُ الْأَوَّلُ حَيْثُ كَانَ وَسِيلَةً إلَى الثَّانِي‏)‏ فَيَحْرُمُ وَيَبْطُلُ لِلتَّوَصُّلِ بِهِ إلَى مُحَرَّمٍ ‏(‏إلَّا إنْ تَغَيَّرَتْ صِفَتُهُ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعِ مِثْلُ أَنْ كَانَ عَبْدًا فَهَزَلَ أَوْ نَسِيَ صَنْعَةً أَوْ عَمِيَ وَنَحْوُهُ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِدُونِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَيَصِحُّ، وَكَذَا إنْ اشْتَرَاهُ بِعَرْضٍ أَوْ بِنَقْدٍ لَا مِنْ جِنْسِ الْأَوَّلِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ ‏(‏وَتُسَمَّى‏)‏ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ‏(‏مَسْأَلَةَ الْعِينَةِ؛ لِأَنَّ مُشْتَرِيَ السِّلْعَةِ إلَى أَجَلٍ يَأْخُذُ بَدَلَهَا عَيْنًا أَيْ نَقْدًا حَاضِرًا‏)‏ قَالَ الشَّاعِرُ‏:‏ أَنَدَّانُ أَمْ نَعْتَانُ أَمْ يَنْبَرِي لَنَا فَتًى مِثْلُ نَصْلِ السَّيْفِ مِيزَتْ مَضَارِبُهُ وَمَعْنَى ‏"‏ نَعْتَانُ ‏"‏ نَشْتَرِي عِينَةً ‏(‏وَعَكْسُهَا‏)‏ أَيْ مَسْأَلَةِ الْعِينَةِ بِأَنْ يَبِيعَ شَيْئًا بِنَقْدٍ حَاضِرٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ مِنْ مُشْتَرِيهِ أَوْ وَكِيلِهِ بِنَقْدٍ أَكْثَرَ مِنْ الْأَوَّلِ مِنْ جِنْسِهِ غَيْرِ مَقْبُوضٍ إنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَةُ الْمَبِيعِ بِنَحْوِ سِمَنٍ أَوْ تَعَلُّمِ صَنْعَةٍ ‏(‏مِثْلِهَا‏)‏ فِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْعِينَةَ فِي اتِّخَاذِهِ وَسِيلَةً إلَى الرِّبَا

‏(‏وَإِنْ اشْتَرَاهُ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعَ بِثَمَنٍ غَيْرِ مَقْبُوضٍ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ مُشْتَرِيهِ كَوَارِثِهِ، أَوْ اشْتَرَاهُ ‏(‏أَبُوهُ‏)‏ أَيْ الْبَائِعُ مِنْ مُشْتَرِيهِ أَوْ وَكِيلِهِ بِنَقْدٍ مِنْ جِنْسِ الْأَوَّلِ أَقَلَّ مِنْهُ ‏(‏أَوْ‏)‏ اشْتَرَاهُ ‏(‏ابْنُهُ أَوْ غُلَامُهُ وَنَحْوُهُ‏)‏ كَزَوْجَتِهِ وَمُكَاتَبِهِ ‏(‏صَحَّ‏)‏ شِرَاؤُهُ ‏(‏مَا لَمْ يَكُنْ‏)‏ اشْتَرَاهُ ‏(‏حِيلَةً‏)‏ عَلَى الرِّبَا فَيَحْرُمُ، وَلَا يَصِحُّ كَالْعِينَةِ وَمَنْ احْتَاجَ لِنَقْدٍ فَاشْتَرَى مَا يُسَاوِي أَلْفًا بِأَكْثَرَ لِيَتَوَسَّعَ بِثَمَنِهِ فَلَا بَأْسَ نَصًّا وَيُسَمَّى التَّوَرُّقَ ‏(‏وَإِنْ بَاعَ مَا يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا‏)‏ مِنْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ ‏(‏نَسِيئَةً ثُمَّ اشْتَرَى‏)‏ الْبَائِعُ ‏(‏مِنْهُ‏)‏ أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ ‏(‏بِثَمَنِهِ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعِ ‏(‏قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ جِنْسِهِ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعِ، كَأَنْ بَاعَ قَفِيزًا مِنْ بُرٍّ بِدِرْهَمٍ ثُمَّ اشْتَرَى بِالدِّرْهَمِ مِنْهُ بُرًّا بِكَيْلٍ أَوْ جُزَافًا لَمْ يَصِحَّ ‏(‏أَوْ‏)‏ اشْتَرَى الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالدِّرْهَمِ ثَمَنَ الْبُرِّ مَثَلًا ‏(‏مَالًا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِهِ‏)‏ أَيْ الْمُبَاعِ أَوَّلًا ‏(‏نَسِيئَةً‏)‏ بِأَنْ اشْتَرَى مِنْهُ بِهِ شَعِيرًا أَوْ أُرْزًا أَوْ عَدْسًا وَنَحْوَهُ ‏(‏لَمْ يَصِحَّ‏)‏ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِبَيْعِ الْمَكِيلِ بِالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ بِالْمَوْزُونِ نَسِيئَةً فَيَحْرُمُ ‏(‏حَسْمًا‏)‏ أَيْ قَطْعًا ‏(‏لِمَادَّةِ رِبَا النَّسِيئَةِ‏)‏ فَإِنْ اشْتَرَى مِنْهُ بِدَرَاهِمَ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ أَخَذَهَا مِنْهُ وَفَاءً مِمَّا عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يُسَلِّمْهَا إلَيْهِ وَتَقَاصَّا جَازَ وَيُسْتَحَبُّ الْإِشْهَادُ عَلَى الْبَيْعِ‏.‏

فَصْلٌ‏:‏ ‏[‏التسعير‏]‏

يَحْرُمُ التَّسْعِيرُ لِحَدِيثِ أَنَسٍ وَهُوَ مَنْعُ النَّاس الْبَيْعَ بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنٍ يُقَدِّرُهُ ‏(‏وَيُكْرَهُ الشِّرَاءُ بِهِ‏)‏ أَيْ التَّسْعِيرِ ‏(‏وَإِنْ هَدَّدَ مَنْ خَالَفَهُ‏)‏ أَيْ التَّسْعِيرَ ‏(‏حَرُمَ‏)‏ الْبَيْعُ ‏(‏وَبَطَلَ‏)‏؛ لِأَنَّ الْوَعِيدَ إكْرَاهٌ ‏(‏وَحَرُمَ‏)‏ أَنْ يُقَالَ لِغَيْرِ مُحْتَكِرٍ ‏(‏بِعْ كَالنَّاسِ‏)‏ وَأَوْجَبَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إلْزَامَ السُّوقَةَ الْمُعَارِضَةَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهَا مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَهِيَ أَوْلَى مِنْ تَكْمِيلِ الْحُرِّيَّةِ ‏(‏وَ‏)‏ حَرُمَ ‏(‏احْتِكَارٌ‏)‏ أَيْ الشِّرَاءُ لِلتِّجَارَةِ وَحَبْسُهُ مَعَ حَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهِ ‏(‏فِي قُوتِ آدَمِيٍّ‏)‏ نَصًّا لِحَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ ‏{‏أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُحْتَكَرَ الطَّعَامُ‏}‏ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ‏{‏مَنْ احْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِئٌ‏}‏ رَوَاهُمَا الْأَثْرَمُ وَلَا يَحْرُمُ احْتِكَارُ إدَامٍ، كَجُبْنٍ وَعَسَلٍ وَخَلٍّ؛ لِأَنَّهَا لَا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهَا، كَالثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ‏.‏

وَفِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏:‏ وَمَنْ جَلَبَ شَيْئًا أَوْ اسْتَغَلَّهُ مِنْ مِلْكِهِ أَوْ مِمَّا اسْتَأْجَرَهُ، أَوْ اشْتَرَاهُ زَمَنَ الرُّخْصِ وَلَمْ يُضَيِّقْ عَلَى النَّاسِ إذَنْ، أَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ بَلَدِ كَبِيرٍ، كَبَغْدَادَ أَوْ الْبَصْرَةِ وَمِصْرَ وَنَحْوِهِمَا فَلَهُ حَبْسُهُ حَتَّى يَغْلُوَ وَلَيْسَ مُحْتَكِرًا نَصًّا، وَتَرْكُ ادِّخَارِهِ لِذَلِكَ أَوْلَى ‏(‏وَيَصِحُّ شِرَاءُ مُحْتَكَرٍ‏)‏؛ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ الِاحْتِكَارُ دُونَ الشِّرَاءِ وَلَا تُكْرَهُ التِّجَارَةُ فِي الطَّعَامِ مَا لَمْ يُرِدْ الِاحْتِكَارَ ‏(‏وَيُجْبَرُ‏)‏ مُحْتَكِرٌ ‏(‏عَلَى بَيْعِهِ‏)‏ أَيْ مَا احْتَكَرَهُ مِنْ قُوتِ آدَمِيٍّ ‏(‏كَمَا يَبِيعُ النَّاسُ‏)‏ لِعُمُومِ الْمَصْلَحَةِ وَدُعَاءِ الْحَاجَةِ ‏(‏فَإِنْ أَبَى‏)‏ مُحْتَكِرٌ بَيْعَهُ ‏(‏وَخِيفَ التَّلَفُ‏)‏ بِحَبْسِهِ ‏(‏فَرَّقَهُ الْإِمَامُ‏)‏ عَلَى الْمُحْتَاجِينَ إلَيْهِ ‏(‏وَيَرُدُّونَ‏)‏ أَيْ الْآخِذُونَ لَهُ مِنْ الْإِمَامِ ‏(‏بَدَلَهُ‏)‏ أَيْ مِثْلَ مِثْلِيٍّ وَقِيمَةَ مُتَقَوِّمٍ ‏(‏وَكَذَا سِلَاحٌ لِحَاجَةٍ‏)‏ إلَيْهِ فَيُفَرِّقُهُ الْإِمَامُ وَيَرُدُّونَهُ أَوْ بَدَلَهُ ‏(‏وَلَا يُكْرَهُ ادِّخَارُ قُوتِ أَهْلِهِ وَدَوَابِّهِ‏)‏ نَصًّا، وَرَدَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏"‏ ادَّخَرَ قُوتَ أَهْلِهِ سَنَةً ‏"‏ ‏(‏وَمَنْ ضَمِنَ مَكَانًا لِيَبِيعَ فِيهِ وَيَشْتَرِيَ فِيهِ وَحْدَهُ كُرِهَ الشِّرَاءُ مِنْهُ بِلَا حَاجَةٍ‏)‏ ‏"‏ لِبَيْعِهِ بِفَوْقِ ثَمَنِ مِثْلِهِ وَشِرَائِهِ بِدُونِهِ ‏(‏كَ‏)‏ مَا يُكْرَهُ الشِّرَاءُ بِلَا حَاجَةٍ ‏(‏مِنْ مُضْطَرٍّ نَحْوِهِ‏)‏ كَمُحْتَاجٍ إلَى نَقْدٍ قَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ‏:‏ لِبَيْعِهِ بِدُونِ ثَمَنِهِ أَيْ ثَمَنِ مِثْلِهِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ كَمَا يُكْرَهُ الشِّرَاءُ مِنْ ‏(‏جَالِسٍ عَلَى طَرِيقٍ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ‏)‏ أَيْ الَّذِي ضَمِنَ مَكَانًا لِيَبِيعَ أَوْ يَشْتَرِيَ فِيهِ وَحْدَهُ ‏(‏أَخْذُ زِيَادَةٍ‏)‏ عَلَى ثَمَنِ مِثْلٍ أَوْ مُثَمَّنٍ ‏(‏بِلَا حَقٍّ‏)‏ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ‏.‏

‏[‏فصل‏:‏ الشروط في البيع‏]‏

أَيْ مَا يَشْتَرِطُهُ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فِيهِ ‏(‏وَالشَّرْطُ فِيهِ‏)‏ أَيْ الْبَيْعِ ‏(‏وَ‏)‏ فِي ‏(‏شِبْهِهِ‏)‏ مِنْ نَحْوِ إجَارَةٍ وَشَرِكَةٍ ‏(‏إلْزَامُ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ الْآخَرَ بِسَبَبِ الْعَقْدِ مَا‏)‏ أَيْ شَيْئًا ‏(‏لَهُ‏)‏ أَيْ الْمُلْزَمِ ‏(‏فِيهِ‏)‏ أَيْ الشَّيْءِ الْمُلْزَمِ بِهِ ‏(‏مَنْفَعَةٌ‏)‏ أَيْ غَرَضٌ صَحِيحٌ وَتَأْتِي أَمْثِلَتُهُ ‏(‏وَتُعْتَبَرُ مُقَارَنَتُهُ‏)‏ أَيْ الشَّرْطِ ‏(‏لِلْعَقْدِ‏)‏‏.‏

وَفِي الْفُرُوعِ‏:‏ وَيُتَوَجَّهُ كَنِكَاحٍ‏.‏

وَالشَّرْطُ فِي الْبَيْعِ يَنْقَسِمُ إلَى صَحِيحٍ وَفَاسِدٍ ‏(‏وَصَحِيحُهُ‏)‏ أَيْ الشَّرْطُ الصَّحِيحُ فِي الْبَيْعِ ثَلَاثَةُ ‏(‏أَنْوَاعٍ‏)‏‏:‏

أَحَدُهَا‏:‏ ‏(‏مَا يَقْتَضِيهِ بَيْعٌ‏)‏ أَيْ يَطْلُبُهُ الْبَيْعُ بِحُكْمِ الشَّرْعِ ‏(‏ك‏)‏ شَرْطِ ‏(‏تَقَابُضٍ وَحُلُولِ ثَمَنٍ وَتَصَرُّفِ كُلٍّ‏)‏ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ ‏(‏فِيمَا يَصِيرُ إلَيْهِ‏)‏ مِنْ ثَمَنٍ وَمُثَمَّنٍ ‏(‏وَ‏)‏ اشْتِرَاطِ ‏(‏رَدِّهِ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعِ ‏(‏بِعَيْبٍ قَدِيمٍ‏)‏ يَجِدُهُ بِهِ ‏(‏وَلَا أَثَرَ لَهُ‏)‏ أَيْ لِلشَّرْطِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْبَيْعُ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ النَّوْعُ ‏(‏الثَّانِي‏)‏ مَا كَانَ ‏(‏مِنْ مَصْلَحَتِهِ‏)‏ أَيْ الْمُشْتَرَطِ لَهُ ‏(‏كَتَأْجِيلِ‏)‏ كُلِّ ‏(‏الثَّمَنِ أَوْ بَعْضِهِ‏)‏ إلَى أَجَلٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ نَقْدِ الثَّمَنِ مَعَ غَيْبَةِ الْمَبِيعِ الْمَنْقُولِ عَنْ الْبِلَادِ أَوْ بُعْدِهِ ‏(‏أَوْ‏)‏ اشْتِرَاطِ ‏(‏رَهْنٍ أَوْ ضَمِينٍ بِهِ‏)‏ أَيْ الثَّمَنِ ‏(‏مُعَيَّنَيْنِ‏)‏ أَيْ الرَّهْنِ وَالضَّمِينِ وَكَذَا شَرْطُ كَفِيلٍ بِبَدَنِ مُشْتَرٍ وَيَدْخُلُ فِيهِ لَوْ بَاعَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ رَهْنَ الْمَبِيعِ عَلَى ثَمَنِهِ فَيَصِحُّ نَصًّا فَإِذَا قَالَ‏:‏ بِعْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ بِكَذَا عَلَى أَنْ تُرْهِنَنِيهِ عَلَى ثَمَنِهِ فَقَالَ‏:‏ اشْتَرَيْته وَرَهَنْتُك صَحَّ الشِّرَاءُ وَالرَّهْنُ ‏(‏أَوْ‏)‏ يَشْتَرِطُ الْمُشْتَرِي ‏(‏صِفَةً فِي مَبِيعٍ كَ‏)‏ كَوْنِ ‏(‏الْعَبْدِ‏)‏ الْمَبِيعِ ‏(‏كَاتِبًا أَوْ فَحْلًا أَوْ خَصِيًّا أَوْ صَانِعًا‏)‏ أَيْ خَيَّاطًا وَنَحْوِهِ ‏(‏أَوْ مُسْلِمًا وَ‏)‏ كَوْنُ ‏(‏الْأَمَةِ بِكْرًا أَوْ تَحِيضُ وَ‏)‏ كَوْنُ ‏(‏الدَّابَّةِ هِمْلَاجَةَ‏)‏ بِكَسْرِ الْهَاءِ أَيْ تَمْشِي الْهَمْلَجَةِ، وَهِيَ مِشْيَةٌ سَهْلَةٌ فِي سُرْعَةٍ ‏(‏أَوْ‏)‏ كَوْنُ الدَّابَّةِ ‏(‏لَبُونًا‏)‏ أَيْ ذَاتُ لَبَنٍ ‏(‏أَوْ‏)‏ كَوْنُهَا ‏(‏حَامِلًا وَ‏)‏ كَوْنُ ‏(‏الْفَهْدِ أَوْ الْبَازِي صَيُودًا‏)‏ أَيْ مُعَلَّمَ الصَّيْدِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ كَوْنُ ‏(‏الْأَرْضِ‏)‏ الْمَبِيعَةِ ‏(‏خَرَاجُهَا كَذَا‏)‏ فِي كُلِّ سَنَةٍ ‏(‏وَ‏)‏ كَوْنُ ‏(‏الطَّائِرِ‏)‏ الْمَبِيعِ ‏(‏مُصَوِّتًا أَوْ يَبِيضُ أَوْ يَجِيءُ مِنْ مَسَافَةٍ مَعْلُومَةٍ‏)‏؛ لِأَنَّ فِي اشْتِرَاطِ هَذِهِ الصِّفَاتِ قَصْدًا صَحِيحًا، وَتَخْتَلِفُ الرَّغَبَاتُ بِاخْتِلَافِهَا، فَلَوْلَا صِحَّةُ اشْتِرَاطِهَا لَفَاتَتْ الْحِكْمَةُ الَّتِي لِأَجْلِهَا شُرِعَ الْبَيْعُ وَكَذَا لَوْ شَرَطَ صِيَاحَ الطَّائِرِ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ كَعِنْدَ الصَّبَاحِ أَوْ الْمَسَاءِ و‏(‏لَا‏)‏ يَصِحُّ اشْتِرَاطُ ‏(‏أَنْ يُوقِظَهُ لِلصَّلَاةِ‏)‏ أَوْ أَنَّهُ يَصِيحُ عِنْدَ دُخُولِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ لِتَعَذُّرِ الْوَفَاءِ بِهِ، وَلَا كَوْنُ الْكَبْشِ نَطَّاحًا أَوْ الدِّيكِ مُنَافِرًا، أَوْ الْأَمَةِ مُغَنِّيَةً أَوْ الْبَهِيمَةِ تَحْلُبُ فِي كُلِّ يَوْمٍ قَدْرًا مَعْلُومًا، أَوْ الْحَامِلِ تَلِدُ فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا مُحَرَّمٌ أَوْ لَا يُمْكِنُ الْوَفَاءُ بِهِ ‏(‏وَيَلْزَمُ‏)‏ الشَّرْطُ الصَّحِيحُ وَإِذَا وَفَّى بِهِ‏)‏ أَيْ حَصَلَ لِلْمُشْتَرِي شَرْطُهُ فَلَا فَسْخَ ‏(‏وَإِلَّا‏)‏ يُوَفِّ بِهِ ‏(‏فَلَهُ الْفَسْخُ‏)‏ لِفَقْدِ الشَّرْطِ لِحَدِيثِ ‏{‏الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ‏}‏ ‏(‏أَوْ أَرْشُ فَقَدْ الصِّفَةِ‏)‏ الْمَشْرُوطَةِ إنْ لَمْ يَنْفَسِخْ كَأَرْشِ عَيْبٍ ظَهَرَ عَلَيْهِ‏.‏

‏(‏وَإِنْ تَعَذَّرَ رَدٌّ‏)‏ لِنَحْوِ تَلَفِ مَبِيعٍ ‏(‏تَعَيَّنَ أَرْشُ‏)‏ فَقْدِ الصِّفَةِ، كَمَعِيبٍ تَعَذَّرَ رَدُّهُ ‏(‏وَإِنْ أَخْبَرَ بَائِعٌ‏)‏ مُشْتَرِيًا ‏(‏بِصِفَةٍ‏)‏ فِي مَبِيعٍ يَرْغَبُ فِيهِ لَهَا ‏(‏فَصَدَّقَهُ‏)‏ مُشْتَرٍ ‏(‏بِلَا شَرْطٍ‏)‏ بِأَنْ اشْتَرَى وَلَمْ يَشْتَرِطْهَا فَبَانَ فَقْدُهَا فَلَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الشَّرْطِ ‏(‏أَوْ شَرَطَ‏)‏ مُشْتَرٍ ‏(‏الْأَمَةِ‏)‏ الْمَبِيعَةِ ‏(‏ثَيِّبًا أَوْ كَافِرَةً أَوْ هُمَا‏)‏ أَيْ ثَيِّبًا كَافِرَةً ‏(‏أَوْ‏)‏ شَرَطَهَا ‏(‏سَبِطَةَ‏)‏ الشَّعْرِ ‏(‏أَوْ‏)‏ شَرَطَهَا ‏(‏حَامِلًا‏)‏ أَوْ شَرَطَ صِفَةً أَدْوَنَ ‏(‏فَبَانَتْ أَعْلَى‏)‏ بِأَنْ وَجَدَ الْمَشْرُوطَةَ ثَيِّبًا بِكْرًا أَوْ الْمَشْرُوطَةَ كَافِرَةً مُسْلِمَةً ‏(‏أَوْ‏)‏ الْمَشْرُوطَةَ سَبِطَةً ‏(‏جَعْدَةً، أَوْ‏)‏ الْمَشْرُوطَةَ حَامِلًا ‏(‏حَائِلًا فَلَا خِيَارَ‏)‏ لِمُشْتَرٍ؛ لِأَنَّهُ زَادَهُ خَيْرًا، وَكَذَا لَوْ شَرَطَهَا لَا تَحِيضُ فَبَانَتْ تَحِيضُ، أَوْ حَمْقَاءَ فَلَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ، أَوْ شَرَطَ الْعَبْدَ كَافِرًا فَبَانَ مُسْلِمًا النَّوْعُ ‏(‏الثَّالِثُ‏:‏ شَرَطَ بَائِعٌ‏)‏ عَلَى مُشْتَرٍ ‏(‏نَفْعًا غَيْرَ وَطْءٍ وَدَوَاعِيهِ‏)‏ كَمُبَاشَرَةٍ دُونَ فَرْجٍ وَقُبْلَةٍ فَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ إلَّا بِمِلْكِ يَمِينٍ أَوْ عَقْدِ نِكَاحٍ ‏(‏مَعْلُومًا‏)‏ أَيْ النَّفْعَ ‏(‏فِي مَبِيعٍ‏)‏ مُتَعَلِّقٌ بِنَفْعٍ ‏(‏كَ‏)‏ اشْتِرَاطِ بَائِعٍ ‏(‏سُكْنَى الدَّارِ‏)‏ الْمَبِيعَةِ ‏(‏شَهْرًا‏)‏ مَثَلًا ‏(‏وَحِمْلَانِ الْبَعِيرِ‏)‏ أَوْ نَحْوِهِ الْمَبِيعِ ‏(‏إلَى‏)‏ مَحَلٍّ ‏(‏مُعَيَّنٍ‏)‏ وَكَاشْتِرَاطِهِ خِدْمَةَ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَيَصِحُّ نَصًّا لِحَدِيثِ جَابِرٍ ‏"‏ أَنَّهُ بَاعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَلًا وَاشْتَرَطَ ظَهْرَهُ إلَى الْمَدِينَةِ ‏"‏ وَفِي لَفْظٍ قَالَ ‏"‏ فَبِعْتُهُ بِأُوقِيَّةٍ وَاسْتَثْنَيْتُ حِمْلَانَهُ إلَى أَهْلِي ‏"‏ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ‏(‏وَلِبَائِعٍ إجَارَةُ‏)‏ مَا اسْتَثْنَى‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ لَهُ ‏(‏إعَارَةُ مَا اُسْتُثْنِيَ‏)‏ مِنْ النَّفْعِ كَالْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ بَاعَ مُشْتَرٍ مَا اسْتَثْنَى نَفْعَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً صَحَّ الْبَيْعُ وَكَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي مُسْتَثْنَى النَّفْعِ كَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَلِلْمُشْتَرِي الثَّانِي الْفَسْخُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ، كَمَنْ اشْتَرَى أَمَةً مُزَوَّجَةً أَوْ دَارًا مُؤَجَّرَةً‏.‏

‏(‏وَلَهُ‏)‏ أَيْ الْبَائِعِ ‏(‏عَلَى مُشْتَرٍ، إنْ تَعَذَّرَ انْتِفَاعُهُ‏)‏ أَيْ الْبَائِعِ بِالنَّفْعِ الْمُسْتَثْنَى ‏(‏بِسَبَبِهِ‏)‏ أَيْ الْمُشْتَرِي، بِأَنْ أَتْلَفَ الْعَيْنَ الْمُسْتَثْنَى نَفْعُهَا أَوْ أَعْطَاهَا لِمَنْ أَتْلَفَهَا أَوْ تَلِفَتْ بِتَفْرِيطِهِ ‏(‏أُجْرَةُ مِثْلِهِ‏)‏ أَيْ النَّفْعِ الْمُسْتَثْنَى نَصًّا؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِسَبَبِ مُشْتَرٍ بِأَنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَلَا تَفْرِيطِهِ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا نَصًّا؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَمْلِكْهَا مِنْ جِهَتِهِ كَمَا لَوْ تَلِفَتْ نَخْلَةٌ يَسْتَحِقُّ الْبَائِعُ ثَمَرَتَهَا‏.‏

وَإِنْ أَرَادَ مُشْتَرٍ إعْطَاءَ بَائِعٍ عِوَضَ النَّفْعِ الْمُسْتَثْنَى لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ وَلَهُ اسْتِيفَاءُ النَّفْعِ مِنْ عَيْنِ الْمَبِيعِ نَصًّا؛ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِعَيْنِهِ كَالْمُؤَجَّرَةِ، وَكَذَا لَوْ طَلَبَ بَائِعُ الْعِوَضِ وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ جَازَ ‏(‏وَكَذَا‏)‏ أَيْ كَشَرْطِ بَائِعٍ نَفْعًا مَعْلُومًا فِي مَبِيعٍ ‏(‏شَرْطُ مُشْتَرٍ نَفْعَ بَائِعٍ‏)‏ نَفْسَهُ ‏(‏فِي مَبِيعٍ ك‏)‏ شَرْطِ ‏(‏حَمْلِ حَطَبٍ‏)‏ مَبِيعٍ ‏(‏أَوْ تَكْسِيرِهِ وَ‏)‏ كَشَرْطِهِ ‏(‏خِيَاطَةَ ثَوْبٍ‏)‏ مَبِيعٍ ‏(‏أَوْ تَفْصِيلَهُ، أَوْ‏)‏ شَرْطِ ‏(‏جَذِّ رَطْبَةٍ‏)‏ مَبِيعَةٍ أَوْ حَصَادِ زَرْعٍ أَوْ جِذَاذِ نَخْلٍ ‏(‏وَنَحْوِهِ‏)‏ كَضَرْبِ حَدِيدٍ مَبِيعٍ سَيْفًا أَوْ سِكِّينًا ‏(‏بِشَرْطِ عِلْمِهِ‏)‏ أَيْ النَّفْعِ الْمَشْرُوطِ بِأَنْ يَعْلَمَ مَثَلًا الْمَحَلَّ الْمَشْرُوطَ حَمْلُ الْحَطَبِ إلَيْهِ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةُ اشْتَرَى مِنْ نَبَطِيٍّ جَرَزَةَ حَطَبٍ وَشَارَطَهُ عَلَى حَمْلِهَا وَلِأَنَّ ذَلِكَ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهُ الْحَطَبَ وَأَجَّرَهُ نَفْسَهُ لِحَمْلِهِ، أَوْ بَاعَهُ الثَّوْبَ وَأَجَّرَهُ نَفْسَهُ لِخِيَاطَتِهِ‏.‏

وَكُلٌّ مِنْ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ فَجَازَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا كَالْعَيْنَيْنِ وَمَا احْتَجَّ بِهِ الْمُخَالِفُ مِنْ نَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ لَمْ يَصِحَّ‏.‏

قَالَ أَحْمَدُ‏:‏ إنَّمَا النَّهْيُ عَنْ شَرْطَيْنِ فِي بَيْعٍ وَهَذَا يَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى جَوَازِ الشَّرْطِ الْوَاحِدِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ النَّفْعَ بِأَنْ شَرَطَ حَمْلَ الْحَطَبِ عَلَى بَائِعِهِ إلَى مَنْزِلِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُهُ لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاء وَكَذَا لَوْ شَرَطَ بَائِعٌ نَفْعَ غَيْرِ مَبِيعٍ أَوْ مُشْتَرٍ نَفْعَ بَائِعٍ فِي غَيْرِ مَبِيعٍ، وَيَفْسُدُ الْبَيْعُ‏.‏

‏(‏وَهُوَ‏)‏ أَيْ الْبَائِعُ الْمَشْرُوطُ نَفْعُهُ فِي الْمَبِيعِ ‏(‏كَأَجِيرٍ فَإِنْ مَاتَ‏)‏ الْبَائِعُ قَبْلَ حَمْلِ الْحَطَبِ أَوْ خِيَاطَةِ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ مِمَّا شَرَطَ عَلَيْهِ ‏(‏أَوْ اسْتَحَقَّ نَفْعَهُ‏)‏ بَائِعٌ بِأَنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ إجَارَةً خَاصَّةً ‏(‏فَلِمُشْتَرٍ عِوَضُ ذَلِكَ‏)‏ النَّفْعِ الْمَشْرُوطِ عَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ، لِفَوَاتِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ عَقْدُ الْإِجَارَةِ بِذَلِكَ فَانْفَسَخَتْ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا خَاصًّا فَمَاتَ وَإِنْ مَرِضَ بَائِعٌ وَنَحْوُهُ أُقِيمَ مَقَامَهُ مَنْ يَعْمَلُ وَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ، كَالْإِجَارَةِ وَإِنْ أَرَادَ بَائِعٌ دَفْعَ عِوَضِ مَا شَرَطَ عَلَيْهِ وَأَبَى مُشْتَرٍ أَوْ أَرَادَ مُشْتَرٍ أَخْذَهُ بِلَا رِضَا بَائِعٍ لَمْ يُجْبَرْ مُمْتَنِعٌ ‏(‏وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى أَخْذِهِ‏)‏ أَيْ الْعِوَضِ، وَلَوْ ‏(‏بِلَا عُذْرٍ جَازَ‏)‏ لِجَوَازِ أَخْذِ الْعِوَضِ عَنْهَا مَعَ عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ فَكَذَا مَعَهُ وَكَالْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ وَالْمُوصَى بِمَنَافِعِهَا‏.‏

‏(‏وَيُبْطِلُهُ‏)‏ أَيْ الْبَيْعَ ‏(‏جَمْعٌ بَيْنَ شَرْطَيْنِ وَلَوْ صَحِيحَيْنِ‏)‏ مُنْفَرِدَيْنِ كَحَمْلِ حَطَبٍ وَتَكْسِيرِهِ، أَوْ خِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَتَفْصِيلِهِ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا ‏{‏لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ‏}‏ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ ‏(‏مَا لَمْ يَكُونَا‏)‏ أَيْ الشَّرْطَانِ ‏(‏مِنْ مُقْتَضَاهُ‏)‏ أَيْ مَبِيعٍ كَاشْتِرَاطِ حُلُولِ الثَّمَنِ، وَتَصَرُّفِ كُلٍّ فِيمَا يَصِيرُ إلَيْهِ ‏(‏أَوْ‏)‏ يَكُونَا ‏(‏مِنْ مَصْلَحَتِهِ‏)‏ كَاشْتِرَاطِ رَهْنٍ وَضَمِينٍ مُعَيَّنَيْنِ بِالثَّمَنِ فَيَصِحُّ ‏(‏وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ فَسْخٍ‏)‏؛ لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِلْعَقْدِ بِأَمْرٍ يَحْدُثُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ أَشْبَهَ شَرْطَ الْخِيَارِ ‏(‏غَيْرِ خُلْعٍ‏)‏ فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ إلْحَاقًا لَهُ بِعُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ؛ لِاشْتِرَاطِ الْعِوَضِ فِيهِ ‏(‏بِشَرْطٍ‏)‏ مُتَعَلِّقٌ بِتَعْلِيقٍ ‏(‏كَ‏)‏ قَوْلِهِ ‏(‏بِعْتُكَ‏)‏ كَذَا بِكَذَا ‏(‏عَلَى أَنْ تَنْقُدَنِي الثَّمَنَ إلَى كَذَا‏)‏ أَيْ وَقْتٍ مُعَيَّنٍ، وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ‏.‏

‏(‏أَوْ‏)‏ بِعْتُكَ ‏(‏عَلَى أَنْ تُرْهِنَنِيهِ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعَ ‏(‏بِثَمَنِهِ، وَإِلَّا‏)‏ تَفْعَلْ ذَلِكَ ‏(‏فَلَا بَيْعَ بَيْنَنَا‏)‏ فَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْقَبُولِ ‏(‏وَيَنْفَسِخُ إنْ لَمْ يَفْعَلْ‏)‏ أَيْ يَنْقُدُهُ الثَّمَنَ إلَى الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ، أَوْ يَرْهَنُهُ الْمَبِيعَ بِثَمَنِهِ، لِوُجُودِ شَرْطِهِ وَمِثْلُهُ لَوْ بَاعَهُ بِثَمَنٍ وَأَقْبَضَهُ لَهُ وَشَرَطَ إنْ رَدَّهُ بَائِعٌ إلَى وَقْتِ كَذَا فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَكُنْ حِيلَةٌ لِيَرْبَحَ فِي قَرْضٍ، وَإِنْ قَالَ‏:‏ عَلَى أَنْ تَنْقُدَنِي الثَّمَنَ إلَى ثَلَاثٍ، وَإِلَّا فَلِيَ الْفَسْخُ، أَوْ قَالَ‏:‏ اشْتَرَيْته عَلَى أَنْ تُسَلِّمَنِي الْمَبِيعَ إلَى ثَلَاثٍ وَإِلَّا فَلِي الْفَسْخُ صَحَّ وَلَهُ شَرْطُهُ‏.‏

‏[‏فصل‏:‏ أنواع الشرط الفاسد‏]‏

وَفَاسِدُهُ أَيْ الشَّرْطُ الْفَاسِدُ ثَلَاثَةُ ‏(‏أَنْوَاعٍ‏:‏ أَحَدُهَا ‏(‏مُبْطِلٌ‏)‏ لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ ‏(‏كَشَرْطِ بَيْعٍ آخَرَ‏)‏ كَبِعْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي هَذِهِ الْفَرَسَ ‏(‏أَوْ‏)‏ شَرْطِ ‏(‏سَلَفٍ‏)‏ كَبِعْتُكَ عَبْدِي عَلَى أَنْ تُسَلِّفَنِي كَذَا ‏(‏أَوْ‏)‏ شَرْطِ ‏(‏قَرْضٍ‏)‏ كَعَلَى أَنْ تُقْرِضَنِي كَذَا ‏(‏أَوْ‏)‏ شَرْطِ ‏(‏إجَارَةٍ‏)‏ كَعَلَى أَنْ تُؤَجِّرَنِي دَارَكَ بِكَذَا ‏(‏أَوْ‏)‏ شَرْطِ ‏(‏شَرِكَةٍ‏)‏ كَعَلَى أَنْ تَشَارَكَنِي فِي كَذَا ‏(‏أَوْ‏)‏ شَرْطِ ‏(‏صَرْفِ الثَّمَنِ‏)‏ كَبِعْتُكَ الْأَمَةَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ عَلَى أَنْ تَصْرِفَهَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ ‏(‏أَوْ‏)‏ شَرْطِ صَرْفِ ‏(‏غَيْرِهِ‏)‏ أَيْ الثَّمَنِ، كَبِعْتُكَ الثَّوْبَ عَلَى أَنْ تَصْرِفَ لِي هَذِهِ الدَّنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ؛ لِمَا تَقَدَّمَ ‏{‏أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ‏}‏ ‏(‏وَهُوَ‏)‏ أَيْ هَذَا النَّوْعُ ‏(‏بَيْعَتَانِ فِي بَيْعَةٍ، الْمَنْهِيُّ عَنْهُ‏)‏ قَالَهُ أَحْمَدُ، وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ ‏"‏ صَفْقَتَانِ فِي صَفْقَةٍ رِبًا ‏"‏ وَلِأَنَّهُ شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ فَلَمْ يَصِحَّ كَنِكَاحِ الشِّغَارِ وَكَذَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ ابْنَتَهُ أَوْ يُنْفِقَ عَلَى عَبْدِهِ وَنَحْوِهِ، أَوْ حِصَّتِهِ مِنْهُ قَرْضًا أَوْ مَجَّانًا النَّوْعُ ‏(‏الثَّانِي‏:‏ مَا يَصِحُّ مَعَهُ الْبَيْعُ، كَشَرْطٍ يُنَافِي مُقْتَضَاهُ‏)‏ أَيْ الْبَيْعِ ‏(‏كَ‏)‏ اشْتِرَاطِ مُشْتَرٍ ‏(‏أَنْ لَا يَخْسَرَ‏)‏ فِي مَبِيعٍ ‏(‏أَوْ نَفَقِ‏)‏ الْمَبِيعِ ‏(‏وَإِلَّا رَدَّهُ‏)‏ لِبَائِعِهِ ‏(‏أَوْ‏)‏ اشْتَرَطَ بَائِعٌ عَلَى مُشْتَرٍ أَنْ ‏(‏لَا يَقِفَهُ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعَ ‏(‏أَوْ‏)‏ أَنْ لَا ‏(‏يَبِيعَهُ، أَوْ‏)‏ أَنْ لَا ‏(‏يَهَبَهُ، أَوْ‏)‏ أَنْ لَا ‏(‏يُعْتِقَهُ، أَوْ إنْ أَعْتَقَهُ فَلِبَائِعٍ وَلَاؤُهُ، أَوْ‏)‏ اشْتِرَاطُهُ عَلَيْهِ ‏(‏أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ‏)‏ أَيْ أَنْ يَقِفَ الْمَبِيعَ أَوْ يَبِيعَهُ أَوْ يَهَبَهُ، فَالشَّرْطُ فَاسِدٌ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ، لِعَوْدِ الشَّرْطِ عَلَى غَيْرِ الْعَاقِدِ، نَحْوُ بِعْتُكَهُ عَلَى أَنْ لَا يَنْتَفِعَ بِهِ أَخُوكَ أَوْ زَيْدٌ وَنَحْوُهُ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ وَفِيهِ ‏{‏خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ‏}‏ وَفِيهِ ‏{‏مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ‏}‏ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ‏.‏

وَتَأْوِيلُ ‏"‏ اشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ ‏"‏ بِاشْتَرِطِي عَلَيْهِمْ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَهَا بِإِعْتَاقِهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى اشْتِرَاطِهِ، وَلِأَنَّهُمْ أَبَوْا الْبَيْعَ إلَّا أَنْ تَشْتَرِطَ لَهُمْ الْوَلَاءَ فَكَيْفَ يَأْمُرُهَا بِمَا لَا يَقْبَلُونَهُ مِنْهَا‏؟‏ فَإِنْ قِيلَ‏:‏ كَيْفَ أَمَرَهَا بِهِ وَهُوَ فَاسِدٌ‏؟‏ أُجِيبَ‏:‏ بِأَنَّهُ لَيْسَ أَمْرًا حَقِيقَةً بَلْ بِمَعْنَى التَّسْوِيَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ‏{‏اصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا‏}‏ وَالتَّقْدِيرُ‏:‏ اشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ أَوْ لَا تَشْتَرِطِي، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَقِبَهُ ‏"‏ فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ ‏"‏ ‏(‏إلَّا شَرْطُ الْعِتْقِ‏)‏ فَيَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِطَهُ بَائِعٌ عَلَى مُشْتَرٍ لِحَدِيثِ بَرِيرَةَ ‏(‏وَيُجْبَرُ‏)‏ مُشْتَرٍ عَلَى عِتْقِ مَبِيعٍ اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ ‏(‏إنْ أَبَاهُ‏)‏؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى لِكَوْنِهِ قُرْبَةً الْتَزَمَهَا الْمُشْتَرِي، فَأُجْبِرَ عَلَيْهِ كَالنَّذْرِ وَإِذَا أَصَرَّ‏)‏ مُمْتَنِعًا ‏(‏أَعْتَقَهُ حَاكِمٌ‏)‏ كَطَلَاقِهِ عَلَى مُوَلٍّ ‏(‏وَكَذَا شَرْطُ رَهْنٍ فَاسِدٍ‏)‏ كَمَجْهُولٍ وَخَمْرٍ ‏(‏وَنَحْوِهِ‏)‏ كَشَرْطِ ضَمِينٍ أَوْ كَفِيلٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، أَوْ ‏(‏كَ‏)‏ شَرْطِ ‏(‏خِيَارٍ أَوْ أَجَلٍ‏)‏ فِي ثَمَنِ ‏(‏مَجْهُولَيْنِ‏.‏

أَوْ‏)‏ شَرْطِ ‏(‏تَأْخِيرِ تَسْلِيمِهِ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعِ ‏(‏بِلَا انْتِفَاعِ‏)‏ بَائِعٍ بِهِ ‏(‏أَوْ‏)‏ شَرْطِ بَائِعٌ ‏(‏إنْ بَاعَهُ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعَ مُشْتَرٍ ‏(‏فَهُوَ‏)‏ أَيْ الْبَائِعُ ‏(‏أَحَقُّ بِهِ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعِ ‏(‏بِالثَّمَنِ‏)‏ أَيْ بِمِثْلِهِ ‏(‏أَوْ‏)‏ شَرَطَ ‏(‏أَنَّ الْأَمَةَ لَا تَحْمِلُ‏)‏ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ، وَتَبْطُلُ هَذِهِ الشُّرُوطُ قِيَاسًا عَلَى اشْتِرَاطِ الْوَلَاءِ لِبَائِعٍ ‏(‏وَلِمَنْ فَاتَ غَرَضُهُ‏)‏ بِفَسَادِ الشَّرْطِ مِنْ بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ ‏(‏الْفَسْخُ‏)‏ عَلِمَ الْحُكْمَ أَوْ جَهِلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ الشَّرْطَ الَّذِي دَخَلَ عَلَيْهِ لِقَضَاءِ الشَّرْعِ بِفَسَادِهِ‏.‏

‏(‏أَوْ‏)‏ أَخَذَ بَائِعٌ ‏(‏أَرْشَ نَقْصِ ثَمَنٍ‏)‏ بِسَبَبِ إلْغَاءٍ، كَأَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ يُسَاوِي عَشَرَةً فَيَبِيعَهُ بِثَمَانِيَةٍ لَأَجْلِ شَرْطِهِ الْفَاسِدِ فَإِنْ شَاءَ بَائِعٌ فَسَخَ، أَوْ رَجَعَ بِالِاثْنَيْنِ ‏(‏أَوْ اسْتِرْجَاعُ‏)‏ مُشْتَرٍ ‏(‏زِيَادَةَ‏)‏ ثَمَنٍ ‏(‏بِسَبَبِ إلْغَاءِ‏)‏ شَرْطِهِ كَأَنْ يَشْتَرِيَ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِاثْنَيْ عَشَرَ لِلشَّرْطِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ فَسْخٍ وَرُجُوعٍ بِالِاثْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُسْمَحُ بِذَلِكَ لَهُ لِمَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْغَرَضِ بِالشَّرْطِ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ غَرَضُهُ رَجَعَ بِمَا سُمِحَ بِهِ كَمَا لَوْ وَجَدَهُ مَعِيبًا ‏(‏وَمَنْ قَالَ لِغَرِيمِهِ‏:‏ بِعْنِي هَذَا‏)‏ الشَّيْءَ ‏(‏عَلَى أَنْ أَقْضِيكَ مِنْهُ‏)‏ دَيْنَك ‏(‏فَبَاعَهُ‏)‏ إيَّاهُ ‏(‏صَحَّ الْبَيْعُ‏)‏ قِيَاسًا عَلَى مَا سَبَقَ ‏(‏لَا الشَّرْطُ‏)‏؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ فِيهِ لِغَيْرِ الْقَضَاءِ وَمُقْتَضَى الْبَيْعِ أَنْ يَتَصَرَّفَ مُشْتَرٍ بِمَا يَخْتَارُ، وَلِبَائِعٍ الْفَسْخُ أَوْ أَخْذُ أَرْشِ نَقْصِ ثَمَنٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ‏.‏

‏(‏وَإِنْ قَالَ رَبُّ الْحَقِّ‏:‏ اقْضِنِيهِ‏)‏ أَيْ الْحَقَّ ‏(‏عَلَى أَنْ أَبِيعَكَ كَذَا بِكَذَا فَقَضَاهُ‏)‏ حَقَّهُ ‏(‏صَحَّ‏)‏ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّهُ أَقَبْضَهُ حَقَّهُ ‏(‏دُونَ الْبَيْعِ‏)‏ الْمَشْرُوطِ؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ عَلَى الْقَضَاءِ وَيَأْتِي أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ ‏(‏وَإِنْ قَالَ‏)‏ رَبُّ الْحَقِّ ‏(‏اقْضِنِي أَجْوَدَ مِمَّا لِي‏)‏ عَلَيْكَ ‏(‏عَلَى أَنْ أَبِيعُكَ كَذَا، فَفَعَلَا‏)‏ أَيْ قَضَاهُ أَجْوَدَ وَبَاعَهُ مَا وَعَدَهُ بِهِ ‏(‏فَ‏)‏ الْبَيْعُ وَالْقَضَاءُ ‏(‏بَاطِلَانِ‏)‏ وَيَرُدُّ الْأَجْوَدَ قَابِضُهُ وَيُطَالِبُ بِمِثْلِ دَيْنِهِ؛ لِأَنَّ الْمَدِينَ لَمْ يَرْضَ بِدَفْعِ الْأَجْوَدِ إلَّا طَمَعًا فِي حُصُولِ الْمَبِيعِ لَهُ وَلَمْ يَحْصُلْ لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ لِمَا تَقَدَّمَ‏.‏

النَّوْعُ ‏(‏الثَّالِثُ‏:‏ مَا‏)‏ أَيْ شَرْطٌ ‏(‏لَا يَنْعَقِدُ مَعَهُ بَيْعٌ‏)‏ وَهُوَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ ‏(‏كَبِعْتُكَ‏)‏ كَذَا إنْ جِئْتَنِي، أَوْ رَضِيَ زَيْدٌ بِكَذَا ‏(‏أَوْ اشْتَرَيْتُ‏)‏ كَذَا ‏(‏إنْ جِئْتَنِي، أَوْ‏)‏ إنْ ‏(‏رَضِيَ زَيْدٌ بِكَذَا‏)‏؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَهُوَ يَقْتَضِي نَقْلَ الْمِلْكِ حَالَ الْعَقْدِ وَالشَّرْطُ يَمْنَعُهُ ‏(‏وَيَصِحُّ‏:‏ بِعْتُ‏)‏ إنْ شَاءَ اللَّهُ ‏(‏وَقَبِلْتُ إنْ شَاءَ اللَّهُ‏)‏؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ التَّبَرُّكُ لَا التَّرَدُّدُ غَالِبًا ‏(‏وَ‏)‏ يَصِحُّ ‏(‏بَيْعُ الْعُرْبُونِ‏)‏ وَيُقَالُ أُرْبُونٌ ‏(‏وَ‏)‏ يَصِحُّ ‏(‏إجَارَتُهُ‏)‏ أَيْ الْعُرْبُونِ‏.‏

قَالَ أَحْمَدُ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ لَا بَأْسَ بِهِ وَفَعَلَهُ عُمَرُ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ‏:‏ أَنَّهُ أَجَازَهُ ‏(‏وَهُوَ‏)‏ أَيْ بَيْعُ الْعُرْبُونِ ‏(‏دَفْعُ بَعْضِ ثَمَنٍ‏)‏ فِي بَيْعٍ عَقَدَاهُ ‏(‏أَوْ‏)‏ أَيْ وَإِجَارَةُ الْعُرْبُونِ دَفْعُ بَعْضِ ‏(‏أُجْرَةٍ‏)‏ بَعْدَ عَقْدِ إجَارَةٍ ‏(‏وَيَقُولُ‏)‏ مُشْتَرٍ أَوْ مُسْتَأْجِرٌ ‏(‏إنْ أَخَذْتَهُ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعَ أَوْ الْمُؤَجَّرَ احْتَسَبْتُ بِمَا دَفَعْتُ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ أُجْرَةٍ وَإِلَّا فَهُوَ لَكَ ‏(‏أَوْ‏)‏ يَقُولُ‏:‏ إنْ ‏(‏جِئْتُك بِالْبَاقِي‏)‏ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ أُجْرَةٍ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ وَقْتًا‏.‏

‏(‏وَإِلَّا فَهُوَ‏)‏ أَيْ مَا قَبَضْتُهُ ‏(‏لَكَ‏)‏ لِمَا رُوِيَ عَنْ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ ‏"‏ أَنَّهُ اشْتَرَى لِعُمَرَ دَارَ السَّجْنِ مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، فَإِنْ رَضِيَ عُمَرُ وَإِلَّا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا ‏"‏ قَالَ الْأَثْرَمُ‏:‏ قُلْتُ لِأَحْمَدَ‏:‏ تَذْهَبُ إلَيْهِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ أَيْ شَيْء أَقُولُ‏؟‏ هَذَا عُمَرُ وَضَعَّفَ حَدِيثَ ابْنِ مَاجَهْ، أَيْ ‏{‏أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعُرْبُونِ‏}‏ فَإِنْ دَفَعَ لِبَائِعٍ أَوْ مُؤَجِّرٍ قَبْلَ الْعَقْدِ دِرْهَمًا وَقَالَ‏:‏ لَا تَعْقِدْ مَعَ غَيْرِي فَإِنْ لَمْ آخُذْهُ فَالدِّرْهَمُ لَك، ثُمَّ عَقَدَ مَعَهُ وَاحْتَسَبَ الدِّرْهَمَ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْأُجْرَةِ صَحَّ، لِخُلُوِّ الْعَقْدِ عَنْ شَرْطٍ، وَإِلَّا رَجَعَ بِالدِّرْهَمِ؛ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ‏.‏

وَلَا يَصْلُحُ جَعْلُهُ عِوَضًا عَنْ انْتِظَارِهِ وَتَأْخِيرِهِ لِأَجَلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْمُعَاوَضَةُ عَنْهُ وَلَوْ جَازَتْ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْمِقْدَارِ كَالْإِجَارَةِ و‏(‏لَا‏)‏ يَصِحُّ بَيْعٌ إنْ رَهَنَهُ شَيْئًا أَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ إنْ ‏(‏جَاءَ لِمُرْتَهِنٍ بِحَقِّهِ فِي مَحِلِّهِ‏)‏ أَيْ حُلُولِ أَجَلِهِ ‏(‏وَإِلَّا فَالرَّهْنُ لَهُ‏)‏ أَيْ الْمُرْتَهِنِ لِحَدِيثِ ‏{‏لَا يُغْلَقُ الرَّهْنُ مِنْ صَاحِبِهِ‏}‏ رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَفَسَّرَهُ أَحْمَدُ بِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ بَيْعٌ مُعَلَّقٌ عَلَى شَرْطٍ مُسْتَقِلٍّ فَلَمْ يَصِحَّ لِمَا تَقَدَّمَ ‏(‏وَمَا دُفِعَ فِي عُرْبُونٍ فَلِبَائِعٍ‏)‏ فِي بَيْعٍ ‏(‏وَ‏)‏ ل ‏(‏مُؤَجِّرٍ‏)‏ فِي إجَارَةٍ ‏(‏إنْ لَمْ يَتِمَّ‏)‏ الْعَقْدُ ‏(‏وَمَنْ قَالَ‏)‏ لِقِنِّهِ ‏(‏إنْ بِعْتُكَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَاعَهُ‏)‏ أَيْ الْمَقُولَ لَهُ ذَلِكَ ‏(‏عَتَقَ‏)‏ عَلَيْهِ ‏(‏وَلَمْ يَنْتَقِلْ مِلْكٌ‏)‏ فِيهِ لِمُشْتَرٍ نَصًّا؛ لِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْبَائِعِ فِي حَالِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَى الْمُشْتَرِي حَيْثُ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ انْتِقَالُ الْمِلْكِ وَنُفُوذُ الْعِتْقِ فَيَتَدَافَعَانِ وَيَنْفُذُ الْعِتْقُ لِقُوَّتِهِ وَسِرَايَتِهِ دُونَ انْتِقَالِ الْمِلْكِ وَلَوْ قَالَ مَالِكُهُ‏:‏ إنْ بِعْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ، وَقَالَ آخَرُ‏:‏ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ‏:‏ فَاشْتَرَاهُ عَتَقَ عَلَى بَائِعٍ دُونَ مُشْتَرٍ ‏(‏وَإِلَّا‏)‏ يَقُلْ مَالِكُهُ‏:‏ إنْ بِعْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ ‏(‏وَقَالَ‏)‏ آخَرُ ‏(‏إنْ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ عَتَقَ‏)‏ عَلَى مُشْتَرٍ نَصًّا؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ يُرَادُ لِلْعِتْقِ فَيَكُونُ مَقْصُودًا كَشِرَاءِ ذِي الرَّحِمِ وَغَيْرِهِ‏.‏

‏(‏وَمَنْ شَرَطَ‏)‏ عَلَى مُشْتَرٍ ‏(‏الْبَرَاءَةَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ‏)‏ فِيمَا بَاعَهُ لَهُ لَمْ يَبْرَأْ ‏(‏أَوْ‏)‏ شَرَطَ بَائِعٌ الْبَرَاءَةَ ‏(‏مِنْ عَيْبِ كَذَا إنْ كَانَ‏)‏ فِي الْمَبِيعِ ‏(‏لَمْ يَبْرَأْ‏)‏ بَائِعٌ بِذَلِكَ فَلِمُشْتَرٍ الْفَسْخُ بِعَيْبٍ لَمْ يَعْلَمْهُ حَالَ الْعَقْدِ لِمَا رَوَى أَحْمَدُ ‏"‏ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ بَاعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ عَبْدًا بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَصَابَ زَيْدٌ بِهِ عَيْبًا فَأَرَادَ رَدَّهُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ فَلَمْ يَقْبَلْهُ، فَتَرَافَعَا إلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ عُثْمَانُ لِابْنِ عُمَرَ‏:‏ تَحْلِفُ أَنَّكَ لَمْ تَعْلَمْ بِهَذَا الْعَيْبِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ لَا فَرَدَّهُ عَلَيْهِ فَبَاعَهُ ابْنُ عُمَرَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ‏"‏ وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ اُشْتُهِرَتْ وَلَمْ تُنْكَرْ، فَكَانَتْ كَالْإِجْمَاعِ وَأَيْضًا خِيَارُ الْعَيْبِ إنَّمَا يَثْبُتُ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ قَبْلَهُ كَالشُّفْعَةِ ‏(‏وَإِنْ سَمَّاهُ‏)‏ أَيْ سَمَّى بَائِعٌ الْعَيْبَ لِمُشْتَرٍ بَرِئَ مِنْهُ لِدُخُولِهِ عَلَى بَصِيرَةٍ ‏(‏أَوْ أَبْرَأَهُ‏)‏ أَيْ الْبَائِعُ مُشْتَرٍ مِنْ عَيْبِ كَذَا، أَوْ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ ‏(‏بَعْدَ الْعَقْدِ بَرِئَ مِنْهُ بَائِعٌ لِإِسْقَاطِهِ‏)‏ بَعْدَ ثُبُوتِهِ لَهُ، كَالشُّفْعَةِ‏.‏

‏[‏فصل‏:‏ من باع شيئا فظهر أنه أكثر مما باع‏]‏

وَمَنْ بَاعَ مَا يُذْرَعُ أَيْ شَيْئًا يُذْرَعُ كَأَرْضٍ وَثَوْبٍ ‏(‏عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ‏)‏ أَذْرُعٍ أَوْ أَشْبَارٍ أَوْ أَجَّرَ بِهِ وَنَحْوِهَا ‏(‏فَبَانَ‏)‏ الْمَبِيعُ ‏(‏أَكْثَرَ‏)‏ مِمَّا عَيَّنَ ‏(‏صَحَّ‏)‏ الْبَيْعُ، وَالزَّائِدُ لِبَائِعٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَقْصٌ عَلَى الْمُشْتَرِي فَلَمْ يَمْنَعْ صِحَّةَ الْبَيْعِ كَالْعَيْبِ ‏(‏وَلِكُلٍّ‏)‏ مِنْ بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ ‏(‏الْفَسْخُ‏)‏ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ ‏(‏مَا لَمْ يُعْطِ‏)‏ بَائِعٌ ‏(‏الزَّائِدَ‏)‏ لِمُشْتَرٍ ‏(‏مَجَّانًا‏)‏ بِلَا عِوَضٍ فَيَسْقُطُ خِيَارُ مُشْتَرٍ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ زَادَهُ خَيْرًا‏.‏

‏(‏وَإِنْ بَانَ‏)‏ مَبِيعٌ عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةٌ ‏(‏أَقَلَّ‏)‏ مِنْهَا ‏(‏صَحَّ‏)‏ الْبَيْعُ ‏(‏وَالنَّقْصُ‏)‏ عَنْ الْعَشَرَةِ ‏(‏عَلَى بَائِعٍ‏)‏؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِالْعَقْدِ ‏(‏وَيُخَيَّرُ‏)‏ بَائِعٌ ‏(‏إنْ أَخَذَهُ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعَ النَّاقِصَ ‏(‏مُشْتَرٍ بِقِسْطِهِ‏)‏ مِنْ ثَمَنٍ فَإِنْ شَاءَ أَمْضَاهُ أَوْ فَسَخَ، دَفْعًا لِضَرَرِهِ و‏(‏لَا‏)‏ خِيَارَ لِبَائِعٍ ‏(‏إنْ أَخَذَهُ‏)‏ مُشْتَرٍ ‏(‏بِجَمِيعِهِ‏)‏ أَيْ الثَّمَنِ لِزَوَالِ ضَرَرِهِ ‏(‏وَلَمْ يَفْسَخْ‏)‏ بِهِ مُشْتَرٍ الْبَيْعَ وَلَا يُجْبَرُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْمُعَاوَضَةِ ‏(‏وَيَصِحُّ‏)‏ بَيْعٌ ‏(‏فِي صُبْرَةٍ‏)‏ عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ أَقْفِزَةٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ يَصِحُّ بَيْعٌ فِي ‏(‏نَحْوِهَا‏)‏ أَيْ الصُّبْرَةِ كَزُبَرَةِ حَدِيدٍ، وَزِقِّ عَسَلٍ أَوْ زَيْتٍ عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةٌ فَتَبَيَّنَ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ‏(‏وَلَا خِيَارَ لِمُشْتَرٍ‏)‏ كَبَائِعٍ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي رَدِّ الزَّائِدِ إنْ زَادَتْ وَلَا فِي أَخْذِ النَّاقِصِ بِقِسْطِهِ؛ لِأَنَّ نُقْصَانَ الْقَدْرِ لَيْسَ بِعَيْبٍ فِي الْبَاقِي وَيَأْخُذُهُ مُشْتَرٍ نَاقِصًا بِقِسْطِهِ مِنْ ثَمَنٍ‏.‏

بَابُ‏:‏ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ وَالتَّصَرُّفِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَمَا يَحْصُلُ لَهُ قَبْضُهُ وَالْإِقَالَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا

‏(‏الْخِيَارُ‏:‏ اسْمُ مَصْدَرِ اخْتَارَ‏)‏ يَخْتَارُ اخْتِيَارًا ‏(‏وَهُوَ‏)‏ أَيْ الْخِيَارُ فِي بَيْعٍ وَغَيْرِهِ ‏(‏طَلَبُ خَيْرِ الْأَمْرَيْنِ‏)‏ مِنْ إمْضَاءِ عَقْدٍ وَفَسْخِهِ هُنَا ‏(‏وَأَقْسَامُهُ‏)‏ أَيْ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ بِحَسْبِ أَسْبَابِهِ ‏(‏ثَمَانِيَةٌ‏)‏ بِالِاسْتِقْرَاءِ أَحَدُهَا ‏(‏خِيَارُ الْمَجْلِسِ‏)‏ بِكَسْرِ اللَّامِ مَوْضِعُ الْجُلُوسِ وَالْمُرَادُ هُنَا مَكَان التَّبَايُعِ ‏(‏وَيَثْبُتُ‏)‏ خِيَارُ مَجْلِسٍ ‏(‏فِي بَيْعٍ‏)‏ عِنْدَ أَكْثَر أَهْلِ الْعِلْمِ، وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ لِحَدِيثِ ‏{‏الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا‏}‏ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ‏.‏

وَقَوْلُ عُمَرَ ‏"‏ الْبَيْعُ صَفْقَةٌ أَوْ خِيَارٌ ‏"‏ مَعْنَاهُ‏:‏ تَقْسِيمُ الْبَيْعِ إلَى مَا شُرِطَ فِيهِ وَمَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ سَمَّاهُ صَفْقَةَ الْقَصْرِ مُدَّةُ الْخِيَارِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ رَوَى عَنْهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْجُوزَجَانِيُّ مِثْلَ مَذْهَبِنَا وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ الْبَيْعِ عَلَى النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَاطُ لَهُ قَبْلَهُ غَالِبًا فَلَا يُحْتَاجُ إلَى خِيَارٍ بَعْدَهُ ‏(‏غَيْرَ كِتَابَةٍ‏)‏ فَلَا خِيَارَ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا تُرَادُ لِلْعِتْقِ ‏(‏وَ‏)‏ غَيْرُ ‏(‏تَوَلِّي طُرُقِ عَقْدٍ‏)‏ فِي بَيْعٍ، بِأَنْ انْفَرَدَ بِالْبَيْعِ وَاحِدٌ لِوِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ فَلَا خِيَارَ لَهُ كَالشَّفِيعِ ‏(‏وَ‏)‏ غَيْرُ ‏(‏شِرَاءِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ‏)‏ كَرَحِمِهِ الْمُحَرَّمِ، لِعِتْقِهِ بِمُجَرَّدِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَيْهِ بِالْعَقْدِ أَشْبَهَ مَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ‏.‏

قَالَ ‏(‏الْمُنَقِّحُ‏:‏ أَوْ يَعْتَرِفُ بِحُرِّيَّتِهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ‏)‏؛ لِأَنَّهُ اسْتِنْقَاذٌ لَا شِرَاءٌ حَقِيقَةً لِاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّتِهِ ‏(‏وَكَبَيْعٍ‏)‏ فِي ثُبُوتِ خِيَارِ مَجْلِسٍ فِيهِ ‏(‏صُلْحٌ‏)‏ بِمَعْنَى بَيْعٍ، بِأَنْ أَقَرَّ لَهُ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ ثُمَّ صَالَحَهُ عَنْهُ بِعِوَضٍ ‏(‏وَ‏)‏ كَبَيْعٍ ‏(‏قِسْمَةٌ‏)‏ بِمَعْنَى بَيْعٍ، وَهِيَ قِسْمَةُ التَّرَاضِي‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ كَبَيْعٍ ‏(‏هِبَةٌ بِمَعْنَاهُ‏)‏ وَهِيَ الَّتِي فِيهَا عِوَضٌ مَعْلُومٌ فَيَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ، كَالْبَيْعِ ‏(‏وَ‏)‏ كَبَيْعٍ ‏(‏إجَارَةٌ‏)‏ مُطْلَقًا‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ كَبَيْعِ ‏(‏مَا‏)‏ أَيْ عَقَدَ ‏(‏قَبَضَهُ‏)‏ أَيْ الْعِوَضُ فِيهِ ‏(‏شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ‏)‏ أَيْ لِدَوَامِهَا ‏(‏كَصَرْفٍ وَسَلَمٍ وَ‏)‏ بَيْعٍ ‏(‏رِبَوِيٍّ‏)‏ مِنْ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ ‏(‏بِجِنْسِهِ‏)‏ أَيْ بِرِبَوِيٍّ كَبَيْعِ بُرٍّ بِبُرٍّ مِثْلِهِ أَوْ بِشَعِيرٍ فَيَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ لِعُمُومِ الْخَبَرِ وَلِأَنَّ مَوْضُوعُهُ النَّظَرُ فِي الْأَحَظِّ وَهُوَ مَوْجُودٌ هُنَا و‏(‏لَا‏)‏ يَثْبُتُ خِيَارُ مَجْلِسٍ ‏(‏فِي مُسَاقَاةٍ وَمُزَارَعَةٍ‏)‏ وَوَكَالَةٍ وَشَرِكَةٍ وَنَحْوِهَا مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ، لِلِاسْتِغْنَاءِ بِجَوَازِهَا وَالتَّمَكُّنِ مِنْ فَسْخِهَا بِأَصْلِ وَضْعِهَا‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ لَا فِي ‏(‏حَوَالَةٍ‏)‏ لِاسْتِقْلَالِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِهَا ‏(‏وَ‏)‏ لَا فِي ‏(‏سَبْقٍ‏)‏ أَيْ مُسَابِقَةٍ؛ لِأَنَّهَا جَعَالَةٌ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ لَا فِي ‏(‏نَحْوهَا‏)‏ أَيْ الْمَذْكُورَاتِ، كَوَقْفٍ وَضَمَانٍ وَرَهْنٍ ‏(‏وَيَبْقَى‏)‏ خِيَارُ مَجْلِسٍ حَيْثُ ثَبَتَ ‏(‏إلَى أَنْ يَتَفَرَّقَا‏)‏ لِلْخَبَرِ، بِمَا يَعُدُّهُ النَّاسُ تَفَرُّقًا ‏(‏عُرْفًا‏)‏ لَا لِإِطْلَاقِ الشَّارِعِ التَّفَرُّقَ وَعَدَمَ بَيَانِهِ فَدَلَّ أَنَّهُ أَرَادَ مَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ كَالْقَبْضِ وَالْإِحْرَازِ فَإِنْ كَانَا فِي مَكَان وَاسِعٍ كَمَجْلِسٍ كَبِيرٍ وَصَحْرَاءَ فَبِمَشْيِ أَحَدِهِمَا مُسْتَدْبِرًا لِصَاحِبِهِ خَطَوَاتٍ، وَلَوْ لَمْ يَبْعُدْ عَنْهُ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ كَلَامَهُ فِي الْعَادَةِ خِلَافًا لِلْإِقْنَاعِ وَإِنْ كَانَا فِي دَارٍ كَبِيرَةٍ ذَاتِ مَجَالِسَ وَبُيُوتٍ فَبِمُفَارَقَتِهِ إلَى بَيْتٍ آخَرَ أَوْ مَجْلِسٍ أَوْ صِفَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَإِنْ كَانَا فِي دَارٍ صَغِيرٍ فَبِصُعُودِ أَحَدِهِمَا السَّطْحَ أَيْ بِخُرُوجِهِ مِنْهَا وَإِنْ كَانَا بِسَفِينَةٍ كَبِيرَةٍ فَبِصُعُودِ أَحَدِهِمَا أَعْلَاهَا إنْ كَانَا أَسْفَلَ أَوْ نُزُولِهِ أَسْفَلَهَا إنْ كَانَا أَعْلَاهَا وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً فَبِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا مِنْهَا ‏(‏بِأَبْدَانِهِمَا‏)‏ فَإِنْ حَجَزَ مِنْهُمَا بِنَحْوِ حَائِطٍ أَوْ نَامَا لَمْ يُعَدَّ تَفَرُّقًا لِبَقَائِهِمَا بِأَبْدَانِهِمَا بِمَحَلِّ عَقْدٍ، وَخِيَارُهُمَا بَاقٍ وَلَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ أَوْ أَقَامَا كَرْهًا‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ يَبْقَى خِيَارُهُمَا إنْ تَفَرَّقَا ‏(‏مَعَ إكْرَاهٍ‏)‏ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا عَلَى التَّفَرُّقِ ‏(‏أَوْ‏)‏ تَفَرَّقَا مَعَ ‏(‏فَزَعٍ مِنْ مَخُوفٍ‏)‏ كَسَبُعٍ أَوْ ظَالِمٍ خَشَيَاهُ فَهَرَبَا مِنْهُ ‏(‏أَوْ‏)‏ تَفَرَّقَا مَعَ ‏(‏إلْجَاءٍ‏)‏ كَتَفَرُّقٍ ‏(‏بِسَيْلٍ‏)‏ أَوْ نَارٍ أَوْ نَحْوِهِمَا ‏(‏أَوْ‏)‏ تَفَرَّقَا مَعَ ‏(‏حَمْلٍ‏)‏ لَهُمَا؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْمُكْرَهِ وَالْمُلْجَإِ كَعَدَمِهِ، فَيَسْتَمِرُّ خِيَارُهُمَا ‏(‏إلَى أَنْ يَتَفَرَّقَا مِنْ مَجْلِسٍ زَالَ فِيهِ‏)‏ إكْرَاهٌ أَوْ إلْجَاءٌ وَإِنْ أُكْرِهَ أَحَدُهُمَا وَنَحْوُهُ بَقِيَ خِيَارُهُ إلَى ذَلِكَ، وَبَطَلَ خِيَارُ صَاحِبِهِ ‏(‏إلَّا إنْ تَبَايَعَا عَلَى أَنْ لَا خِيَارَ‏)‏ بَيْنَهُمَا فَيَلْزَمُ الْبَيْعُ بِمُجَرَّدِهِ ‏(‏أَوْ يُسْقِطَاهُ‏)‏ أَيْ الْخِيَارَ ‏(‏بَعْدَهُ‏)‏ أَيْ الْبَيْعِ بَلْ التَّفَرُّقِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لِلْمُسْقِطِ بِعَقْدِ الْبَيْعِ فَسَقَطَ بِإِسْقَاطِهِ كَالشُّفْعَةِ ‏(‏وَإِنْ أَسْقَطَهُ‏)‏ أَيْ الْخِيَارَ ‏(‏أَحَدُهُمَا‏)‏ أَيْ الْمُتَبَايِعَيْنِ بَقِيَ خِيَارُ صَاحِبِهِ ‏(‏أَوْ قَالَ‏)‏ أَحَدُهُمَا ‏(‏لِصَاحِبِهِ‏:‏ اخْتَرْ‏)‏ سَقَطَ خِيَارُ الْقَائِلِ و‏(‏بَقِيَ خِيَارُ صَاحِبِهِ‏)‏ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ‏{‏فَإِنْ خَيَّرَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ‏}‏ أَيْ لَزِمَ وَلِأَنَّهُ جَعَلَ الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْءٌ ‏(‏وَتَحْرُمُ الْفُرْقَةُ خَشْيَةَ الِاسْتِقَالَةِ‏)‏ أَيْ خَشْيَةَ أَنْ يَفْسَخَ صَاحِبُهُ الْبَيْعَ فِي الْمَجْلِسِ لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا ‏{‏الْبَائِعُ وَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا إلَّا أَنْ يَكُونَ صَفْقَةَ خِيَارٍ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ‏}‏ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالْأَثْرَمُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ ‏"‏ أَنَّهُ كَانَ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ يَمْشِي خَطَوَاتٍ لِيَلْزَمَ الْبَيْعُ ‏"‏ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْخَبَرُ ‏(‏وَيَنْقَطِعُ خِيَارُ‏)‏ مَجْلِسٍ ‏(‏بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا‏)‏ أَيْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ أَعْظَمُ الْفُرْقَتَيْنِ و‏(‏لَا‏)‏ يَنْقَطِعُ خِيَارُهُ ب ‏(‏جُنُونِهِ‏)‏ فِي الْمَجْلِسِ لِعَدَمِ التَّفَرُّقِ ‏(‏وَهُوَ‏)‏ أَيْ الْمَجْنُونُ ‏(‏عَلَى خِيَارِهِ إذَا أَفَاقَ‏)‏ مِنْ جُنُونِهِ ‏(‏وَلَا يَثْبُتُ‏)‏ الْخِيَارُ ‏(‏لِوَلِيِّهِ‏)‏؛ لِأَنَّ الرَّغْبَةَ فِي الْمَبِيعِ وَعَدَمَهَا لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَإِنْ خَرِسَ قَامَتْ إشَارَتُهُ مَقَامَ نُطْقِهِ الْقِسْمُ ‏(‏الثَّانِي‏)‏ مِنْ أَقْسَامِ الْخِيَارِ‏:‏ خِيَارُ الشَّرْطِ ب ‏(‏أَنْ يَشْتَرِطَاهُ‏)‏ أَيْ يَشْتَرِطَ الْعَاقِدَانِ الْخِيَارَ ‏(‏فِي‏)‏ صُلْبِ ‏(‏الْعَقْدِ، أَوْ‏)‏ يَشْتَرِطَاهُ بَعْدَهُ ‏(‏زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ‏)‏ أَيْ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ حَالِ الْعَقْدِ ‏(‏إلَى أَمَدٍ مَعْلُومٍ فَيَصِحُّ‏)‏ وَلَوْ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِحَدِيثِ ‏{‏الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ‏}‏ وَلِأَنَّهُ حَقٌّ يَعْتَمِدُ الشَّرْطَ فَرَجَعَ فِي تَقْدِيرِهِ إلَى مُشْتَرِطِهِ كَالْأَجَلِ قَالَ فِي شَرْحِهِ‏:‏ وَلَمْ يَثْبُتْ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَيْ مِنْ تَقْدِيرِهِ بِثَلَاثٍ‏.‏

وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ خِلَافُهُ وَعُلِمَ مِنْهُ‏:‏ أَنَّهُ يَصِحُّ اشْتِرَاطُهُ بَعْدَ لُزُومِ بَيْعٍ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ‏.‏

‏(‏وَلَوْ‏)‏ كَانَ الْخِيَارُ الْمَشْرُوطُ ‏(‏فِيمَا‏)‏ أَيْ عَقْدِ بَيْعٍ ‏(‏يَفْسُدُ‏)‏ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ فِيهِ ‏(‏قَبْلَهُ‏)‏ أَيْ قَبْلَ انْتِهَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ، كَأَنْ تَبَايَعَا بِطِّيخًا وَشُرِطَ الْخِيَارُ فِيهِ أَكْثَر مِنْ يَوْمَيْنِ فَيَصِحُّ ‏(‏وَيُبَاعُ‏)‏ الْبِطِّيخُ أَيْ يَبِيعُهُ أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ الْآخَرِ أَوْ الْحَاكِمِ ‏(‏وَيَحْفَظُ ثَمَنَهُ إلَيْهِ‏)‏ أَيْ إلَى مُضِيِّ الْخِيَارِ فَإِنْ فَسَخَ قَبْلَ مُضِيِّهِ أَخَذَهُ بَائِعٌ وَإِلَّا أَخَذَهُ مُشْتَرٍ عَلَى قِيَاسِ مَا يَأْتِي فِي رَهْنِ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ عَلَى مُؤَجَّلٍ و‏(‏لَا‏)‏ يَصِحُّ شَرْطُ خِيَارٍ ‏(‏فِي عَقْدِ‏)‏ بَيْعٍ مُؤَجَّلٍ جُعِلَ ‏(‏حِيلَةً لِيَرْبَحَ فِي قَرْضٍ فَيَحْرُمُ‏)‏ نَصًّا؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِمُحَرَّمٍ ‏(‏وَلَا خِيَارَ، وَلَا يَحِلُّ تَصَرُّفُهُمَا‏)‏ أَيْ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي ثَمَنٍ وَلَا مُثَمَّنٍ قَالَ ‏(‏الْمُنَقِّحُ‏:‏ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ‏)‏ كَسَائِرِ الْحِيَلِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا لِمُحَرَّمٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حِيلَةً عَلَى الرِّبْحِ فِي الْقَرْضِ بَلْ حِفْظًا لِلْمَالِ أَوْ الْمَبِيعِ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا بِإِتْلَافِهِ أَوْ بِيَدِ بَائِعِهِ وَنَحْوِهِ صَحَّ ‏(‏وَيَثْبُتُ‏)‏ خِيَارٌ شَرَطَاهُ ‏(‏فِي بَيْعٍ وَصُلْحٍ‏)‏ بِمَعْنَاهُ ‏(‏وَقِسْمَةٍ بِمَعْنَاهُ‏)‏ وَهِبَةٍ بِمَعْنَاهُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ صُوَرِ الْبَيْعِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ يَثْبُتُ فِي ‏(‏إجَارَةٍ فِي ذِمَّةٍ‏)‏ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ؛ لِأَنَّهُ اسْتِدْرَاكٌ لِغَبْنٍ، أَشْبَهَ خِيَارَ الْمَجْلِسِ ‏(‏أَوْ‏)‏ أَيْ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ فِي إجَارَةِ عَيْنٍ ‏(‏مُدَّةٍ لَا تَلِي الْعَقْدَ‏)‏ إنْ انْقَضَى قَبْلَ دُخُولِهَا، كَمَا لَوْ أَجَّرَهُ دَارِهِ سَنَةَ ثَلَاثٍ فِي سَنَةِ اثْنَيْنِ وَشَرَطَ الْخِيَارَ مُدَّةً مَعْلُومَةً تَنْقَضِي قَبْلَ دُخُولِ سَنَةِ ثَلَاثٍ، فَإِنْ وَلِيَتْهُ أَوْ دَخَلَتْ فِي مُدَّة إجَارَةٍ فَلَا؛ لِأَدَائِهِ إلَى فَوَاتِ بَعْضِ الْمَنَافِعِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا أَوْ اسْتِيفَائِهَا فِي مُدَّة الْخِيَارِ، وَكِلَاهُمَا لَا يَجُوزُ وَلَا يَثْبُتُ فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ مِنْ ضَمَانٍ وَغَيْرِهِ ‏(‏لَا‏)‏ يَثْبُتُ خِيَارُ شَرْطٍ ‏(‏فِيمَا‏)‏ أَيْ بَيْعٍ ‏(‏قَبَضَهُ‏)‏ أَيْ قَبَضَ عِوَضَهُ ‏(‏شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ‏)‏ أَيْ الْعَقْدِ عَلَيْهِ مِنْ صَرْفٍ وَسَلَمٍ وَرِبَوِيٍّ بِرِبَوِيٍّ، لِأَنَّ وَضْعَهَا عَلَى أَنْ لَا يَبْقَى بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ عَلَّقَهُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ لِاشْتِرَاطِ الْقَبْضِ وَثُبُوتِ خِيَارِ الشَّرْطِ فِيهَا يُنَافِي ذَلِكَ، فَيَلْغُو الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْعَقْدُ ‏(‏وَابْتِدَاءُ مُدَّةٍ‏)‏ أَيْ خِيَارِ الشَّرْطِ ‏(‏مِنْ‏)‏ حِينِ ‏(‏عَقْدٍ‏)‏ شُرِطَ فِيهِ كَأَجَلِ ثَمَنٍ فَإِنْ شُرِطَ بَعْدَ عَقْدٍ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ فَمِنْ حِينِ شُرِطَ مِنْ تَفَرُّقٍ لَمْ يَصِحَّ لِجَهَالَتِهِ وَإِنْ شُرِطَ ‏(‏وَيَسْقُطُ‏)‏ خِيَارُ شَرْطٍ ‏(‏بِأَوَّلِ الْغَايَةِ فَ‏)‏ إنْ شُرِطَ إلَى رَجَبٍ سَقَطَ بِأَوَّلِهِ و‏(‏إلَى صَلَاةٍ‏)‏ مَكْتُوبَةٍ كَالظُّهْرِ سَقَطَ ‏(‏بِدُخُولِ وَقْتِهَا، ك‏)‏ مَا إذَا شُرِطَ إلَى ‏(‏الْغَدِ‏)‏ فَيَسْقُطُ بِطُلُوعِ فَجْرِهِ؛ لِأَنَّ ‏"‏ إلَى ‏"‏ لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ فَلَا يَدْخُلُ مَا بَعْدَهَا فِيمَا قَبْلَهَا وَالْأَصْلُ لُزُومُ الْعَقْدِ، وَإِنَّمَا خُولِفَ فِيمَا اقْتَضَاهُ الشَّرْطُ فَيَثْبُتُ مَا تُيُقِّنَ مِنْهُ دُونَ الزَّائِدِ ‏(‏وَإِنْ شَرَطَاهُ‏)‏ أَيْ الْخِيَارَ شَهْرًا مَثَلًا ‏(‏يَوْمًا‏)‏ يَثْبُتُ ‏(‏وَيَوْمًا‏)‏ لَا يَثْبُتُ ‏(‏صَحَّ‏)‏ الْبَيْعُ ‏(‏فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ‏)‏ لِإِمْكَانِهِ ‏(‏فَقَطْ‏)‏؛ لِأَنَّهُ إذَا لَزِمَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي لَمْ يَعُدْ إلَى الْجَوَازِ ‏(‏وَيَصِحُّ شَرْطُهُ‏)‏ أَيْ الْخِيَارِ ‏(‏لَهُمَا‏)‏ أَيْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ ‏(‏وَلَوْ‏)‏ كَانَا ‏(‏وَكِيلَيْنِ‏)‏؛ لِأَنَّ النَّظَرَ فِي تَحْصِيلِ الْأَحَظِّ مُفَوَّضٌ إلَى الْوَكِيلِ ‏(‏كَ‏)‏ مَا يَصِحُّ شَرْطُهُ ل ‏(‏مُوَكِّلَيْهِمَا‏)‏؛ لِأَنَّ الْحَظَّ لَهُمَا حَقِيقَةً ‏(‏وَإِنْ لَمْ يَأْمُرَاهُمَا‏)‏ أَيْ يَأْمُرْ الْمُوَكِّلَانِ الْوَكِيلَيْنِ ‏(‏بِهِ‏)‏ أَيْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ طَلَبَ الْحَظِّ مُفَوَّضٌ إلَى الْوَكِيلِ وَإِنْ شَرَطَهُ وَكِيلٌ لِنَفْسِهِ دُونَ مُوَكِّلِهِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ لَمْ يَصِحَّ ‏(‏وَ‏)‏ يَصِحُّ شَرْطُ خِيَارٍ ‏(‏فِي‏)‏ مَبِيعٍ ‏(‏مُعَيَّنٍ مِنْ مَبِيعَيْنِ بِعَقْدٍ‏)‏ وَاحِدٍ، كَعَبْدَيْنِ بِيعَا صَفْقَةً وَشُرِطَ الْخِيَارُ فِي أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ، كَبَيْعِ مَا فِيهِ شُفْعَةٌ مَعَ مَا لَا شُفْعَةَ فِيهِ فَإِنْ شُرِطَ الْخِيَارُ فِي أَحَدِهِمَا مُبْهَمًا فَفَاسِدٌ ‏(‏وَمَتَى فُسِخَ‏)‏ الْبَيْعُ ‏(‏فِيهِ‏)‏ أَيْ فِيمَا فِيهِ الْخِيَارُ مِنْهُمَا ‏(‏رَجَعَ‏)‏ مُشْتَرٍ أَقْبَضَ ثَمَنَهُمَا ‏(‏بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ‏)‏ كَمَا لَوْ رَدَّ أَحَدَهُمَا لِعَيْبِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَقْبَضَهُ سَقَطَ عَنْهُ بِقِسْطِهِ وَدَفَعَ الْبَاقِيَ ‏(‏وَ‏)‏ يَصِحُّ شَرْطُ خِيَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ ‏(‏مُتَفَاوِتًا‏)‏ بِأَنْ شَرَطَ لِأَحَدِهِمَا شَهْرًا وَلِلْآخَرِ سَنَةً‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ يَصِحُّ شَرْطٌ ‏(‏لِأَحَدِهِمَا‏)‏ دُونَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُمَا جُوِّزَ رِفْقًا بِهِمَا فَكَيْفَمَا تَرَاضَيَا بِهِ جَازَ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ يَصِحُّ شَرْطُ بَائِعَيْنِ غَيْرِ وَكِيلَيْنِ الْخِيَارُ ‏(‏لِغَيْرِهِمَا‏)‏ وَمِنْهُ عَلَى أَنْ اسْتَأْمَرَا فُلَانًا يَوْمًا وَلَهُ الْفَسْخُ قَبْلَهُ ‏(‏وَلَوْ‏)‏ كَانَ الْغَيْرُ الْمَشْرُوطُ لَهُ الْخِيَارُ ‏(‏الْمَبِيعَ‏)‏ بِأَنْ تَبَايَعَا قِنًّا وَشَرَطَا لَهُ الْخِيَارَ ‏(‏وَيَكُونُ‏)‏ جَعْلُ الْخِيَارِ لِلْغَيْرِ ‏(‏تَوْكِيلًا‏)‏ مِنْهُمَا ‏(‏لَهُ فِيهِ‏)‏؛ لِأَنَّهُمَا أَقَامَاهُ مَقَامَهُمَا فَ ‏(‏لَا‏)‏ يَصِحُّ جَعْلُهُمَا الْخِيَارَ ‏(‏لَهُ‏)‏ أَيْ لِغَيْرِهِمَا ‏(‏دُونَهُمَا‏)‏؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ شُرِعَ لِتَحْصِيلِ الْأَحَظِّ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، فَلَا يَكُونُ لِمَنْ لَا حَظَّ لَهُ فِيهِ ‏(‏وَلَا يَفْتَقِرُ فَسْخُ مَنْ يَمْلِكُهُ‏)‏ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ ‏(‏إلَى حُضُورِ صَاحِبِهِ‏)‏ الْعَاقِدِ مَعَهُ ‏(‏وَلَا‏)‏ إلَى ‏(‏رِضَاهُ‏)‏؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ حَلُّ عَقْدٍ جُعِلَ إلَيْهِ، فَجَازَ فِي غَيْبَةِ صَاحِبِهِ وَمَعَ سَخَطِهِ كَالطَّلَاقِ ‏(‏وَإِنْ مَضَى زَمَنُهُ‏)‏ أَيْ الْخِيَارِ الْمَشْرُوطِ ‏(‏وَلَمْ يَفْسَخْ‏)‏ الْبَيْعَ مَشْرُوطٌ لَهُ ‏(‏لَزِمَ‏)‏ الْبَيْعُ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى بَقَاءِ الْخِيَارِ أَكْثَرَ مِنْ مُدَّتِهِ الْمَشْرُوطَةِ، وَهُوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالشَّرْطِ ‏(‏وَيَنْتَقِلُ مِلْكٌ‏)‏ فِي مَبِيعٍ إلَى مُشْتَرٍ وَفِي ثَمَنٍ إلَى بَائِعٍ ‏(‏بِعَقْدٍ‏)‏ سَوَاءٌ شُرِطَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا ‏"‏ أَيًّا كَانَ لِظَاهِرِ حَدِيثِ ‏{‏مَنْ بَايَعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ‏}‏ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَجَعَلَ الْمَالَ لِلْمُبْتَاعِ بِاشْتِرَاطِهِ وَأَطْلَقَ الْبَيْعَ فَشَمَلَ بَيْعَ الْخِيَارِ، وَلِأَنَّ الْبَيْعَ تَمْلِيكٌ بِدَلِيلِ صِحَّتِهِ بِقَوْلِ مَلَّكْتُكَ، فَيَثْبُتُ بِهِ الْمِلْكُ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ كَسَائِرِ الْبُيُوعِ يُحَقِّقُهُ أَنَّ التَّمَلُّكَ يَدُلُّ عَلَى نَقْلِ الْمِلْكِ إلَى الْمُشْتَرِي وَيَقْتَضِيهِ لَفْظُهُ وَثُبُوتُ الْخِيَارِ لَا يُنَافِيهِ ‏(‏وَلَوْ فَسَخَاهُ‏)‏ أَيْ الْبَيْعَ ‏(‏بَعْدُ‏)‏ بِخِيَارٍ أَوْ عَيْبٍ أَوْ تَقَايُلٍ وَنَحْوِهَا ‏(‏فَيَعْتِقُ بِشِرَاءٍ‏)‏ ‏(‏مَا‏)‏ أَيْ رَقِيقٌ ‏(‏يَعْتِقُ عَلَى مُشْتَرٍ‏)‏ لِرَحِمٍ أَوْ تَعْلِيقٍ أَوْ اعْتِرَافٍ بِحُرِّيَّةٍ وَيَنْفَسِخُ نِكَاحٌ بِشِرَاءِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ ‏(‏وَيَلْزَمُهُ‏)‏ أَيْ الْمُشْتَرِيَ نَفَقَةُ حَيَوَانٍ مَبِيعٍ و‏(‏فِطْرَةُ‏)‏ قِنٍّ ‏(‏مَبِيعٍ‏)‏ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ رَمَضَانَ قَبْلَ فَسْخِهِ ‏(‏وَكَسْبُهُ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعِ ‏(‏وَنَمَاؤُهُ الْمُنْفَصِلُ‏)‏ مُدَّةَ خِيَارٍ ‏(‏لَهُ‏)‏ أَيْ لِمُشْتَرٍ لِحَدِيثِ ‏{‏الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ‏}‏ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَيَتْبَعُ نَمَاءٌ مُتَّصِلَ الْمَبِيعِ لِتَعَذُّرِ انْفِصَالِهِ ‏(‏وَمَا أَوْلَدَ‏)‏ مُشْتَرٍ مِنْ أَمَةٍ مَبِيعَةٍ وَطِئَهَا زَمَنَ الْخِيَارِ ‏(‏فَأُمُّ وَلَدٍ‏)‏ لَهُ؛ لِأَنَّهُ صَادَفَ مِلْكًا لَهُ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَحْبَلَهَا بَعْدَ مُدَّة الْخِيَارِ ‏(‏وَوَلَدُهُ‏)‏ أَيْ الْمُشْتَرِي ‏(‏حُرٌّ‏)‏ ثَابِتُ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَمْلُوكَتِهِ فَلَا تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ ‏(‏وَعَلَى بَائِعٍ بِوَطْءِ‏)‏ مَبِيعَةٍ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ ‏(‏الْمَهْرُ‏)‏ لِمُشْتَرٍ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ إنْ جَهِلَ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ عَلَيْهِ ‏(‏مَعَ عِلْمِ تَحْرِيمِهِ‏)‏ أَيْ الْوَطْءِ ‏(‏وَ‏)‏ عِلْمِ ‏(‏زَوَالِ مِلْكِهِ‏)‏ عَنْ مَبِيعٍ بِعَقْدٍ ‏(‏وَأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْفَسِخُ بِوَطْئِهِ‏)‏ الْمَبِيعَةَ ‏(‏الْحَدُّ‏)‏ نَصًّا؛ لِأَنَّ وَطْئَهُ لَمْ يُصَادِفْ مِلْكًا وَلَا شُبْهَةَ مِلْكٍ ‏(‏وَوَلَدُهُ‏)‏ أَيْ الْبَائِعِ مَعَ عِلْمِهِ بِمَا سَبَقَ ‏(‏قِنٌّ‏)‏ لِمُشْتَرٍ، وَمَعَ جَهْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْوَلَدُ حُرٌّ، وَيَفْدِيهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ وِلَادَةٍ لِمُشْتَرٍ وَلَا حَدَّ ‏(‏وَالْحَمْلُ وَقْتَ عَقْدِ مَبِيعٍ لِإِنْمَاءٍ‏)‏ لِلْمَبِيعِ فَهُوَ كَالْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ ‏(‏فَتُرَدُّ الْأُمَّاتُ بِعَيْبٍ بِقِسْطِهَِا‏)‏ مِنْ الثَّمَنِ كَعَيْنٍ مَعِيبَةٍ بِيعَتْ مَعَ غَيْرِهَا وَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ‏:‏ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْإِجْرَاءُ لَا الْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ فَيُرَدُّ مَعَهَا قَالَ وَهُوَ أَصَحُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ فِيمَا إذَا رُدَّتْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ قُلْت‏:‏ فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً رُدَّتْ هِيَ وَوَلَدُهَا لِتَحْرِيمِ التَّفْرِيقِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ ‏(‏وَيَحْرُمُ تَصَرُّفُهُمَا‏)‏ أَيْ الْمُتَبَايِعَيْنِ ‏(‏مَعَ خِيَارِهِمَا‏)‏ أَيْ شَرْطِ الْخِيَارِ لَهُمَا زَمَنَهُ ‏(‏فِي ثَمَنٍ مُعَيَّنٍ‏)‏ أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَقَبْضٍ ‏(‏وَمُثَمَّنٍ‏)‏ لِزَوَالِ مِلْكِ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ وَعَدَمِ انْقِطَاعِ عَلَقِ زَائِلِ الْمِلْكِ عَنْهُ ‏(‏وَيَنْفُذُ عِتْقُ مُشْتَرٍ‏)‏ أَعْتَقَ الْمَبِيعَ زَمَنَ خِيَارِ بَائِعٍ لِقُوَّتِهِ وَسِرَايَتِهِ، وَمِلْكُ بَائِعٍ الْفَسْخَ لَا يَمْنَعُهُ وَيَسْقُطُ فَسْخُهُ إذَنْ، كَمَا لَوْ وَهَبَ ابْنَهُ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ وَلَا يَنْفُذُ عِتْقُ بَائِعٍ لِمَبِيعٍ وَلَا شَيْءَ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ فِيهِ، لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ و‏(‏لَا‏)‏ يَنْفُذُ ‏(‏غَيْرُ عِتْقٍ‏)‏ كَوَقْفٍ وَإِجَارَةٍ مِنْ مُشْتَرٍ ‏(‏مَعَ خِيَارِ الْآخَرِ‏)‏ أَيْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَنْقَطِعْ عُلَقُهُ عَنْ الْمَبِيعِ ‏(‏إلَّا‏)‏ إذَا انْصَرَفَ مُشْتَرٍ ‏(‏مَعَهُ‏)‏ أَيْ الْبَائِعِ كَانَ أَجَّرَهُ أَوْ بَاعَهُ لَهُ ‏(‏أَوْ‏)‏ إلَّا إذَا انْصَرَفَ مُشْتَرٍ ‏(‏بِإِذْنِهِ‏)‏ أَيْ الْبَائِعِ فَيَنْفُذُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا ‏(‏وَلَا يَتَصَرَّفُ بَائِعٌ مُطْلَقًا‏)‏ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لَهُ أَوْ لِمُشْتَرٍ ‏(‏إلَّا بِتَوْكِيلِ مُشْتَرٍ‏)‏؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ وَيَبْطُلُ خِيَارُهُمَا إنْ وَكَّلَهُ فِي نَحْو بَيْعٍ مِمَّا يَنْقُلُ الْمِلْكَ‏.‏

‏(‏وَلَيْسَ‏)‏ تَصَرُّفُ بَائِعٍ شُرِطَ الْخِيَارُ لَهُ وَحْدَهُ ‏(‏فَسْخًا‏)‏ لِبَيْعٍ نَصًّا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ انْتَقَلَ عَنْهُ فَلَا يَكُونُ تَصَرُّفُهُ اسْتِرْجَاعًا، كَوُجُودِ مَالِهِ عِنْدَ مَنْ أَفْلَسَ ‏(‏وَتَصَرُّفُ مُشْتَرٍ‏)‏ فِي مَبِيعٍ شَرَطَ لَهُ الْخِيَارَ فِيهِ زَمَنَهُ ‏(‏بِيعَ بِوَقْفٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ لَمْسٍ‏)‏ لِأَمَةٍ مُبْتَاعَةٍ ‏(‏لِشَهْوَةٍ وَنَحْوِهِ‏)‏ كَتَقْبِيلِهَا ‏(‏وَسَوْمِهِ‏)‏ أَيْ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ، بِأَنْ عَرَضَهُ لِلْبَيْعِ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى تَصَرُّفُ ‏(‏إمْضَاءٌ‏)‏ لِلْبَيْعِ خَبَرُ تَصَرُّفُ ‏(‏وَإِسْقَاطُ الْخِيَارَةِ‏)‏؛ لِأَنَّهُ دَلِيلُ الرِّضَا بِالْبَيْعِ وَكَذَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ بِرَهْنٍ وَإِجَارَةٍ وَمُسَاقَاةٍ وَنَحْوِهَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْإِقْنَاعِ فِي الْإِجَارَةِ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ و‏(‏لَا ‏)‏ يَسْقُطُ خِيَارُ مُشْتَرٍ بِتَصَرُّفٍ فِي مَبِيعٍ ‏(‏لِتَجْرِبَةٍ‏)‏ كَرُكُوبِ دَابَّةٍ لِيَنْظُرَ سَيْرَهَا وَحَلْبِ شَاةٍ لِمَعْرِفَةِ قَدْرِ لَبَنِهَا؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْ الْخِيَارِ فَلَمْ يَبْطُلْ بِهِ ‏(‏كَ‏)‏ مَا لَا يَسْقُطُ بِ ‏(‏اسْتِخْدَامٍ‏)‏ وَلَوْ لِغَيْرِ تَجْرِبَةٍ ‏(‏وَلَا‏)‏ يَسْقُطُ ‏(‏إنْ قَبَّلَتْهُ‏)‏ الْأَمَةُ ‏(‏الْمَبِيعَةُ وَلَمْ يَمْنَعْهَا‏)‏ نَصًّا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى إبْطَالِهِ وَالْخِيَارُ لَهُ لَا لَهَا ‏(‏وَيَبْطُلُ خِيَارُهُمَا‏)‏ أَيْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي ‏(‏مُطْلَقًا‏)‏ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ خِيَارَ مَجْلِسٍ أَوْ شَرْطٍ ‏(‏بِتَلَفِ مَبِيعٍ بَعْدَ قَبْضٍ‏)‏ وَكَذَا قَبْلَهُ مِمَّا هُوَ مِنْ ضَمَانِ مُشْتَرٍ، بِخِلَافِ نَحْو مَا اُشْتُرِيَ بِكَيْلٍ فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ بِتَلَفِهِ وَيَبْطُلُ مَعَهُ الْخِيَارُ ‏(‏وَ‏)‏ ب ‏(‏إتْلَافِ مُشْتَرٍ إيَّاهُ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعَ ‏(‏مُطْلَقًا‏)‏ أَيْ قَبَضَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ، اشْتَرَى بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ لَا، لِاسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ بِذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ وَالْخِيَارُ يُسْقِطُهُ، وَكَخِيَارِ الْعَيْبِ إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ ‏(‏وَإِنْ بَاعَ عَبْدًا بِأَمَةٍ‏)‏ بِشَرْطِ الْخِيَارِ ‏(‏فَمَاتَ الْعَبْدُ‏)‏ قَبْلَ انْقِضَاءِ أَمَدِ خِيَارٍ ‏(‏وَوَجَدَ بِهَا‏)‏ أَيْ الْأَمَةِ ‏(‏عَيْبًا فَلَهُ رَدُّهَا‏)‏ عَلَى بَاذِلِهَا بِالْعَيْبِ كَمَا لَوْ لَمْ يَتْلَفْ الْعَبْدُ ‏(‏وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ‏)‏ عَلَى مُشْتَرٍ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ ‏(‏وَيُوَرَّثُ خِيَارُ الشَّرْطِ إنْ طَالَبَ بِهِ‏)‏ مُسْتَحِقُّهُ ‏(‏قَبْلَ مَوْتِهِ‏)‏ كَشُفْعَةٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ حَقُّ فَسْخٍ ثَبَتَ لَا لِفَوَاتِ جُزْءٍ، فَلَمْ يُوَرَّثْ كَالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ ‏(‏وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ‏)‏ أَيْ الطَّلَبُ قَبْلَ الْمَوْتِ ‏(‏فِي إرْثِ خِيَارِ غَيْرِهِ‏)‏ أَيْ غَيْرِ خِيَارِ الشَّرْطِ، كَخِيَارِ عَيْبٍ وَتَدْلِيسٍ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ فِيهِ مَعْنَى الْمَالِ ثَبَتَ لِمُوَرِّثٍ فَقَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ، كَقَبُولِ الْوَصِيَّةِ، بِخِلَافِ خِيَارِ الشَّرْطِ فَلَيْسَ فِي مَعْنَى الْمَالِ أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَقِيلٍ الْقِسْمُ ‏(‏الثَّالِثُ‏)‏ مِنْ أَقْسَامِ الْخِيَارِ ‏(‏خِيَارُ غَبْنٍ يَخْرُجُ عَنْ عَادَةٍ‏)‏ نَصًّا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِتَحْدِيدِهِ فَرَجَعَ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ كَالْقَبْضِ وَالْحِرْزِ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ عَادَةٍ فَلَا فَسْخَ؛ لِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ بِهِ ‏(‏وَيَثْبُتُ‏)‏ خِيَارُ غَبْنٍ وَلَوْ وَكِيلًا قَبْلَ إعْلَامِ مُوَكِّلِهِ فِي ثَلَاثَةِ صُوَرٍ إحْدَاهَا ‏(‏لِرُكْبَانٍ‏)‏ جَمْعُ رَاكِبٍ يَعْنِي الْقَادِمَ مِنْ سَفَرٍ وَلَوْ مَاشِيًا ‏(‏تُلُقُّوا‏)‏ أَيْ تَلَقَّاهُمْ حَاضِرٌ عِنْدَ قُرْبِهِمْ مِنْ الْبَلَدِ ‏(‏وَلَوْ‏)‏ كَانَ الْمُتَلَقِّي ‏(‏بِلَا قَصْدٍ‏)‏ نَصًّا؛ لِأَنَّهُ شُرِعَ لِإِزَالَةِ ضَرَرِهِمْ بِالْغَبَنِ‏.‏

وَلَا أَثَرَ لِلْقَصْدِ فِيهِ ‏(‏إذَا بَاعُوا‏)‏ أَيْ الرُّكْبَانُ ‏(‏أَوْ اشْتَرَوْا‏)‏ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالسِّعْرِ ‏(‏وَغُبِنُوا‏)‏ لِحَدِيثِ ‏{‏لَا تَلَقَّوْا الْجَلْبَ فَمَنْ تَلَقَّاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ فَإِذَا أَتَى السُّوقَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ‏}‏ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَصَحَّ الشِّرَاءُ مَعَ النَّهْيِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعُودُ لِمَعْنَى فِي الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِلْخَدِيعَةِ وَيُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهَا بِالْخِيَارِ أَشْبَهَ الْمُصَرَّاةَ‏.‏

الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ ‏(‏وَالْمُسْتَرْسَلُ غَبْنٌ‏.‏

وَهُوَ‏)‏ مَنْ اسْتَرْسَلَ إذَا اطْمَأَنَّ وَاسْتَأْنَسَ وَشَرْعًا ‏(‏مَنْ جَهِلَ الْقِيمَةَ‏)‏ أَيْ قِيمَةَ الْمَبِيعِ ‏(‏وَلَا يُحْسِنُ يُمَاكِسُ مِنْ بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ‏)‏؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ الْغَبْنُ لِجَهْلِهِ بِالْبَيْعِ أَشْبَهَ الْقَادِمَ مِنْ سَفَرٍ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي جَهْلِ الْقِيمَةِ إنْ لَمْ تُكَذِّبْهُ قَرِينَةٌ ذَكَرَهُ فِي الْإِقْنَاعِ، وَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ‏:‏ الْأَظْهَرُ‏:‏ احْتِيَاجُهُ لِلْبَيِّنَةِ‏.‏

الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ أُشِيرَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ ‏(‏وَفِي نَجْشٍ، بِأَنْ يُزَايِدَهُ‏)‏ أَيْ الْمُشْتَرِي ‏(‏مَنْ لَا يُرِيدُ شِرَاءً‏)‏ لِيُغْرِهِ، مِنْ نَجَشْتُ الصَّيْدَ إذَا أَثَرْتُهُ، كَأَنَّ الْمُنَاجِشَ يُثِيرُ كَثْرَةَ الثَّمَنِ بِنَجْشِهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ‏:‏ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُزَايِدُ عَالِمًا بِالْقِيمَةِ وَالْمُشْتَرِي جَاهِلًا بِهَا ‏(‏وَلَوْ‏)‏ كَانَتْ الْمُزَايَدَةُ ‏(‏بِلَا مُوَاطَأَةٍ‏)‏ مَعَ بَائِعٍ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى ‏(‏وَمِنْهُ‏)‏ أَيْ النَّجْشِ‏:‏ قَوْلُ بَائِعٍ ‏(‏أُعْطِيتُ‏)‏ فِي السِّلْعَةِ‏.‏

‏(‏كَذَا، وَهُوَ‏)‏ أَيْ الْبَائِعُ ‏(‏كَاذِبٌ‏)‏ وَيَحْرُمُ النَّجْشُ لِتَغْرِيرِهِ الْمُشْتَرِيَ وَلِهَذَا يَحْرُمُ عَلَى بَائِعٍ سَوْمُ مُشْتَرٍ كَثِيرًا لِيَبْذُلَ قَرِيبًا مِنْهُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَإِذَا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِكَذَا وَكَانَ زَائِدًا عَمَّا اشْتَرَاهَا بِهِ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ وَكَانَ لَهُ الْخِيَارُ صَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ ‏(‏وَلَا أَرْشَ‏)‏ لِمَغْبُونٍ ‏(‏مَعَ إمْسَاكِ‏)‏ مَبِيعٍ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَجْعَلْهُ لَهُ وَلَمْ يَفُتْ عَلَيْهِ جُزْءٌ مِنْ مَبِيعٍ يَأْخُذُ الْأَرْشَ فِي مُقَابَلَتِهِ ‏(‏وَمَنْ قَالَ‏)‏ مِنْ بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ ‏(‏عِنْدَ الْعَقْدِ‏:‏ لَا خِلَابَةَ‏)‏ أَيْ خَدِيعَةَ ‏(‏فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا خُلِبَ‏)‏ أَيْ خُدِعَ وَمِنْهُ‏:‏ إذَا لَمْ تَغْلِبْ فَأَخْلِبْ لِمَا رُوِيَ ‏{‏أَنَّ رَجُلًا ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ فَقَالَ‏:‏ إذَا بَايَعَتْ فَقُلْ‏:‏ لَا خِلَابَةَ‏}‏ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهِيَ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْخَدِيعَةُ‏.‏

‏(‏وَالْغَبْنُ مُحَرَّمٌ‏)‏ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّغْرِيرِ بِالْمُشْتَرِي ‏(‏وَخِيَارُهُ‏)‏ أَيْ الْغَبْنِ ‏(‏ك‏)‏ خِيَارِ ‏(‏عَيْبٍ فِي عَدَمِ فَوْرِيَّةٍ‏)‏ لِثُبُوتِهِ لِدَفْعِ ضَرَرٍ مُتَحَقِّقٍ فَلَمْ يَسْقُطْ بِالتَّأْخِيرِ بِلَا رِضًى كَالْقِصَاصِ ‏(‏وَلَا يَمْنَعُ الْفَسْخَ‏)‏ لِغَبْنٍ ‏(‏تَعَيُّبُهُ‏)‏ أَيْ حُدُوثُ عَيْبٍ بِالْمَبِيعِ عِنْدَ مُشْتَرٍ ‏(‏وَعَلَى مُشْتَرٍ الْأَرْشُ‏)‏ لِعَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَهُ إذَا رَدَّهُ، كَالْمَعِيبِ أَيْ قَدِيمًا إذَا تَعَيَّبَ عِنْدَهُ وَرَدَّهُ ‏(‏وَلَا‏)‏ يَمْنَعُ الْفَسْخَ ‏(‏تَلَفُهُ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعِ ‏(‏وَعَلَيْهِ‏)‏ أَيْ الْمُشْتَرِي ‏(‏قِيمَتُهُ‏)‏ لِبَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مِثْلِيًّا ‏(‏وَلِلْإِمَامِ جَعْلُ عَلَامَةٍ تَنْفِي الْغَبْنَ عَمَّنْ يُغْبَنُ كَثِيرًا‏)‏؛ لِأَنَّهُ مَصْلَحَةٌ ‏(‏وَكَبَيْعٍ‏)‏ فِي غَبْنٍ ‏(‏إجَارَةٌ‏)‏؛ لِأَنَّهَا بَيْعُ الْمَنَافِعِ ‏(‏لَا نِكَاحٌ ‏)‏ فَلَا فَسْخَ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إنْ غُبِنَ فِي الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ لَيْسَ رُكْنًا فِي النِّكَاحِ‏.‏

وَإِذَا فَسَخَ‏)‏ مُؤَجِّرٌ غُرَّ فَأَجَّرَ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ ‏(‏فِي أَثْنَائِهَا‏)‏ أَيْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ ‏(‏رَجَعَ‏)‏ عَلَى مُسْتَأْجِرٍ ‏(‏بِالْقِسْطِ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ‏)‏ لِمَا مَضَى و‏(‏لَا‏)‏ يَرْجِعُ بِالْقِسْطِ ‏(‏مِنْ‏)‏ الْأَجْرِ ‏(‏الْمُسَمَّى‏)‏؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَدْرِكُ بِهِ ظِلَامَةَ الْغَبْنِ؛ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُ فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنْ ذَلِكَ - أَيْ لِمُسَمًّى - لِمُدَّتِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ بِمُؤَجَّرَةٍ فَفَسَخَ، فَيَرْجِعُ بِقِسْطِهِ مِنْ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ يَسْتَدْرِكُ بِذَلِكَ ظِلَامَتَهُ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِقِسْطِهِ مِنْهَا مَعِيبًا فَيَرْتَفِعُ عَنْهُ الضَّرَرُ بِذَلِكَ نَقَلَهُ الْمَجْدُ عَنْ الْقَاضِي الْقِسْمُ ‏(‏الرَّابِعُ‏:‏ خِيَارُ التَّدْلِيسِ‏)‏ مِنْ الدَّلَسِ بِالتَّحْرِيكِ بِمَعْنَى الظُّلْمَةِ كَأَنَّ الْبَائِعَ بِفِعْلِهِ الْآتِيَ صَيَّرَ الْمُشْتَرِي فِي ظُلْمَةٍ ‏(‏بِمَا يَزِيدُ بِهِ الثَّمَنُ‏)‏ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَيْبًا ‏(‏كَتَصْرِيَةِ اللَّبَنِ‏)‏ أَيْ جَمْعِهِ ‏(‏فِي الضَّرْعِ‏)‏ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا ‏{‏لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ فَمَنْ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْتَلِبَهَا إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ‏}‏ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ‏(‏وَ‏)‏ ك ‏(‏تَحْمِيرِ وَجْهٍ وَتَسْوِيدِ شَعْرٍ‏)‏ رَقِيقٍ ‏(‏وَتَجْعِيدِهِ‏)‏ أَيْ الشَّعْرِ ‏(‏وَ‏)‏ ك ‏(‏جَمْعِ مَاءِ الرَّحَى‏)‏ الَّتِي تَدُورُ بِالْمَاءِ ‏(‏وَإِرْسَالِهِ‏)‏ أَيْ الْمَاءِ ‏(‏عِنْدَ عَرْضِ‏)‏ هَا لِبَيْعٍ لِيَشْتَدَّ دَوَرَانُ الرَّحَى إذَنْ، فَيَظُنَّهُ الْمُشْتَرِي عَادَةً فَيَزِيدُ فِي الثَّمَنِ فَإِذَا تَبَيَّنَ لِمُشْتَرٍ ذَلِكَ فَلَهُ الْخِيَارُ كَالْمُصَرَّاةِ؛ لِأَنَّهُ تَغْرِيرٌ لِمُشْتَرٍ أَشْبَهَ النَّجْشَ‏.‏

وَكَذَا تَحْسِينُ وَجْهِ الصُّبْرَةِ أَوْ الثَّوْبِ وَصَقْلُ وَجَعِ الْمَتَاعِ وَنَحْوِهِ، بِخِلَافِ عَلَفِ الدَّابَّةِ حَتَّى تَمْتَلِئَ خَوَاصِرُهَا، فَيَظُنُّ حَمْلَهَا، وَتَسْوِيدِ أَنَامِلِ عَبْدٍ أَوْ ثَوْبِهِ، لِيُظَنَّ أَنَّهُ كَاتِبٌ أَوْ حَدَّادٌ؛ وَكِبَرِ ضَرْعِ الشَّاةِ خِلْقَةً، بِحَيْثُ يَظُنُّ أَنَّهَا كَثِيرَةُ اللَّبَنِ فَلَا خِيَارَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لِلْجِهَةِ الَّتِي ظُنَّتْ ‏(‏وَيَحْرُمُ‏)‏ تَدْلِيسٌ ‏(‏كَ‏)‏ تَحْرِيمِ ‏(‏كَتْمِ عَيْبٍ‏)‏ لِحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مَرْفُوعًا ‏{‏الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ بَاعَ مِنْ أَخِيهِ بَيْعًا فِيهِ عَيْبٌ إلَّا بَيَّنَهُ لَهُ‏}‏ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَحَدِيثِ ‏{‏مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا‏}‏ وَحَدِيثِ ‏{‏مَنْ بَاعَ عَيْبًا لَمْ يُبَيِّنْهُ لَمْ يَزَلْ فِي مَقْتٍ مِنْ اللَّهِ وَلَمْ تَزَلْ الْمَلَائِكَةُ تَلْعَنُهُ‏}‏ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ ‏(‏وَيَثْبُتُ لِمُشْتَرٍ‏)‏ بِتَدْلِيسٍ ‏(‏خِيَارُ الرَّدِّ‏.‏

وَلَوْ حَصَلَ‏)‏ التَّدْلِيسُ فِي مَبِيعٍ ‏(‏بِلَا قَصْدٍ‏)‏ كَحُمْرَةِ وَجْهِ الْجَارِيَةِ لِخَجَلٍ أَوْ تَعَبٍ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ فِي إزَالَةِ ضَرَرِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ عَلِمَ مُشْتَرٍ بِتَدْلِيسٍ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِدُخُولِهِ عَلَى بَصِيرَةٍ وَكَذَا لَوْ دَلَّسَهُ بِمَا لَا يَزِيدُ بِهِ الثَّمَنُ كَتَسْبِيطِ الشَّعْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ بِذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي ‏(‏وَمَتَى عَلِمَ‏)‏ مُشْتَرٍ ‏(‏التَّصْرِيَةَ خُيِّرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُنْذُ عَلِمَ‏)‏ بِهَا لِحَدِيثِ ‏{‏مَنْ اشْتَرَى مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ‏}‏ رَوَاهُ مُسْلِمٌ ‏(‏بَيْنَ إمْسَاكٍ بِلَا أَرْشٍ‏)‏ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ ‏(‏وَ‏)‏ بَيْنَ ‏(‏رَدٍّ مَعَ صَاعِ تَمْرٍ سَلِيمٍ إنْ حَلَبَهَا‏)‏ لِلْخَبَرِ ‏(‏وَلَوْ زَادَ‏)‏ صَاعَ التَّمْرِ ‏(‏عَلَيْهَا‏)‏ أَيْ الْمُصَرَّاةِ ‏(‏قِيمَةً‏)‏ نَصًّا لِظَاهِرِ الْخَبَرِ‏.‏

‏(‏وَكَذَا لَوْ رُدَّتْ‏)‏ مُصَرَّاةٌ ‏(‏بِغَيْرِهَا‏)‏ أَيْ التَّصْرِيَةِ، كَعَيْبٍ قِيَاسًا عَلَيْهَا وَيَتَعَدَّدُ الصَّاعُ بِتَعَدُّدِ الْمُصَرَّاةِ وَلَهُ رَدُّهَا بَعْدَ رِضَاهُ بِالتَّصْرِيَةِ، بِعَيْبٍ غَيْرِهَا وَإِذَا عَدِمَ‏)‏ التَّمْرَ بِمَحَلِّ رَدِّ الْمُصَرَّاةِ ‏(‏فَ‏)‏ عَلَيْهِ ‏(‏قِيمَتُهُ‏)‏؛ لِأَنَّهَا بَدَلُ مِثْلِهِ عِنْدَ إعْوَازِهِ ‏(‏مَوْضِعُ عَقْدٍ‏)‏؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْوُجُوبِ ‏(‏وَيُقْبَلُ رَدُّ اللَّبَنِ‏)‏ الْمَحْلُوبِ مِنْ مُصَرَّاةٍ إنْ كَانَ ‏(‏بِحَالِهِ‏)‏ لَمْ يَتَغَيَّرْ ‏(‏بَدَلَ التَّمْرِ‏)‏ كَرَدِّهَا بِهِ قَبْلَ الْحَلْبِ إنْ ثَبَتَتْ التَّصْرِيَةُ ‏(‏وَ‏)‏ خِيَارُ ‏(‏غَيْرِهَا‏)‏ أَيْ الْمُصَرَّاةِ ‏(‏عَلَى التَّرَاخِي ك‏)‏ خِيَارِ ‏(‏مَعِيبٍ‏)‏ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْغَبْنِ‏.‏

‏(‏وَإِنْ صَارَ لَبَنُهَا‏)‏ أَيْ الْمُصَرَّاةِ ‏(‏عَادَةً سَقَطَ الرَّدُّ‏)‏ بِالتَّصْرِيَةِ لِزَوَالِ الضَّرَرِ ‏(‏كَعَيْبٍ زَالَ‏)‏ مَعَ مَبِيعٍ قَبْلَ رَدٍّ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ ‏(‏وَ‏)‏ كَأَمَةٍ ‏(‏مُزَوَّجَةٍ‏)‏ اشْتَرَاهَا و‏(‏بَانَتْ‏)‏ قَبْلَ رَدِّهَا فَيَسْقُطُ فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَلَا ‏(‏وَإِنْ كَانَ‏)‏ وَقْتَ عَقْدٍ ‏(‏بِغَيْرِ مُصَرَّاةِ لَبَنٍ كَثِيرٍ فَحَلَبَهُ ثُمَّ رَدَّهَا بِعَيْبٍ رَدَّهُ‏)‏ أَيْ اللَّبَنَ إنْ بَقِيَ ‏(‏أَوْ‏)‏ رَدَّ ‏(‏ مِثْلَهُ إنْ عَدِمَ‏)‏ اللَّبَنَ؛ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّهُ وَلَا بَدَلُهُ، وَمَا حَدَثَ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَا يَرُدُّهُ وَإِنْ كَثُرَ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءٌ مُنْفَصِلٌ ‏(‏وَلَهُ‏)‏ أَيْ الْمُشْتَرِي ‏(‏رَدُّ مُصَرَّاةٍ مِنْ غَيْرِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ‏)‏ كَأَمَةٍ وَأَتَانٍ ‏(‏مَجَّانًا‏)‏؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ عَادَةً قَالَ فِي الْفُرُوعِ‏:‏ كَذَا قَالُوا وَلَيْسَ بِمَانِعٍ قَالَ ‏(‏الْمُنَقِّحُ‏:‏ بَلْ قِيمَةُ مَا تَلِفَ مِنْ اللَّبَنِ‏)‏ إنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ قُلْتُ‏:‏ الْقِيَاسُ بِمِثْلِهِ، كَبَاقِي الْمُتْلَفَاتِ الْقِسْمُ ‏(‏الْخَامِسُ‏:‏ خِيَارُ الْعَيْبِ وَمَا بِمَعْنَاهُ‏)‏ أَيْ الْعَيْبِ وَيَأْتِي ‏(‏وَهُوَ‏)‏ أَيْ الْعَيْبُ وَمَا بِمَعْنَاهُ ‏(‏نَقْصُ مَبِيعٍ‏)‏ وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ بِهِ قِيمَتُهُ، بَلْ زَادَتْ كَخِصَاءٍ ‏(‏أَوْ‏)‏ نَقْصُ ‏(‏قِيمَتِهِ عَادَةً‏)‏ فَمَا عَدَّهُ التُّجَّارُ مُنْقِصًا أُنِيطَ الْحُكْمُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي الشَّرْعِ نَصٌّ فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْهُ فَرُجِعَ فِيهِ إلَى أَهْلِ الشَّأْنِ ‏(‏كَمَرَضٍ‏)‏ بِحَيَوَانٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى جَمِيعِ حَالَاتِهِ ‏(‏وَ‏)‏ ك ‏(‏بَخَرٍ‏)‏ فِي عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ ‏(‏وَحَوَلٍ وَخَرَسٍ وَكَلَفٍ وَطَرَشٍ وَقَرَعٍ‏)‏ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رِيحٌ مُنْكَرَةٌ ‏(‏وَتَحْرِيمٍ عَامٍّ‏)‏ بِمِلْكٍ أَوْ نِكَاحٍ ‏(‏كَمَجُوسِيَّةٍ‏)‏ بِخِلَافِ نَحْوِ أُخْتِهِ مِنْ رَضَاعٍ ‏(‏وَ‏)‏ ك ‏(‏عَفَلٍ وَقَرَنٍ وَفَتَقٍ وَرَتَقٍ‏)‏ وَتَأْتِي فِي النِّكَاحِ ‏(‏وَ‏)‏ ك ‏(‏اسْتِحَاضَةٍ وَجُنُونٍ وَسَعَالٍ وَبَحَّةٍ وَحَمْلِ أَمَةٍ‏)‏ لَا بَهِيمَةٍ فَهُوَ زِيَادَةٌ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِاللَّحْمِ ‏(‏وَ‏)‏ ك ‏(‏ذَهَابِ جَارِحَةٍ‏)‏ كَأُصْبُعِ مَبِيعٍ ‏(‏أَوْ‏)‏ ذَهَابِ ‏(‏سِنٍّ مِنْ كَبِيرٍ‏)‏ أَيْ مِمَّنْ ثُغِرَ وَلَوْ آخِرَ أَضْرَاسٍ ‏(‏وَ‏)‏ ك ‏(‏زِيَادَتِهَا‏)‏ أَيْ الْجَارِحَةِ كَأُصْبُعٍ زَائِدَةٍ أَوْ السِّنُّ ‏(‏وَ‏)‏ ك ‏(‏زِنَا مَنْ بَلَغَ عَشْرًا‏)‏ نَصًّا مِنْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ ك ‏(‏شُرْبِهِ مُسْكِرًا، وَإِبَاقِهِ وَسَرِقَتِهِ، وَبَوْلِهِ فِي فِرَاشِهِ‏)‏ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ دُونَ عَشْرٍ فَلَيْسَ عَيْبًا ‏(‏وَحَمَقِ كَبِيرٍ‏)‏ أَيْ بَالِغٍ ‏(‏وَهُوَ‏)‏ أَيْ الْحَمَقُ ‏(‏ارْتِكَابُهُ الْخَطَأَ عَلَى بَصِيرَةٍ وَكَفَزَعِهِ‏)‏ أَيْ الرَّقِيقِ الْكَبِيرِ فَزَعًا ‏(‏شَدِيدًا، وَكَوْنُهُ‏)‏ أَيْ الرَّقِيقِ ‏(‏أَعْسَرَ لَا يَعْمَلُ بِيَمِينِهِ عَمَلَهَا الْمُعْتَادَ‏)‏ فَإِنْ عَمِلَ فَزِيَادَةُ خَيْرٍ وَكَثْرَةُ كَذِبٍ وَتَخْنِيثٍ، وَكَوْنُهُ خُنْثَى وَإِهْمَالِ الْأَدَبِ وَالْوَقَارِ فِي مَحَالِّهِمَا نَصًّا وَلَعَلَّ الْمُرَادَ فِي غَيْرِ الْجَلَبِ وَالصَّغِيرِ ‏(‏وَعَدَمِ خِتَانِ ذَكَرٍ‏)‏ كَبِيرٍ لِلْخَوْفِ عَلَيْهِ لَا صَغِيرٍ وَلَا أُنْثَى ‏(‏وَعَثْرَةِ مَرْكُوبٍ وَكَدْمِهِ‏)‏ أَيْ عَضِّهِ ‏(‏وَرَفْسِهِ وَحَرَنِهِ وَكَوْنُهُ شَمُوسًا أَوْ بِعَيْنَيْهِ ظَفْرَةٌ، وَ‏)‏ مَا بِمَعْنَى الْعَيْنِ ك ‏(‏طُولِ مُدَّة نَقْلِ مَا فِي دَارٍ‏)‏ مَبِيعَةٍ ‏(‏عُرْفًا‏)‏ لِطُولِ تَأَخُّرِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ بِلَا شَرْطٍ، كَمَا لَوْ كَانَتْ مُؤَجَّرَةً فَإِنْ لَمْ تَطُلْ الْمُدَّة عُرْفًا فَلَا خِيَارَ ‏(‏وَلَا أُجْرَةَ‏)‏ عَلَى بَائِعٍ ‏(‏لِمُدَّةِ نَقْلٍ اتَّصَلَ عَادَةً‏)‏ وَلَوْ طَالَ حَيْثُ لَمْ يَفْسَخْ مُشْتَرٍ لِتَضَمُّنِ إمْسَاكِهِ الرِّضَا بِتَلَفِ الْمَنْفَعَةِ زَمَنَ النَّقْلِ وَمَفْهُومُهُ‏:‏ إنْ لَمْ يَتَّصِلْ عَادَةً وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ، وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ جَمْعُ الْحَمَّالِينَ وَلَا التَّحْوِيلُ لَيْلًا‏.‏

‏(‏وَتَثْبُتُ الْيَدُ‏)‏ أَيْ يَدُ مُشْتَرٍ عَلَى الدَّارِ الْمَبِيعَةِ، فَتَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِالْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَتْ بِهَا أَمْتِعَةُ الْبَائِعِ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْهَا ‏(‏وَتُسَوَّى الْحُفَرُ‏)‏ الْحَادِثَةُ بَعْدَ الْبَيْعِ لِاسْتِخْرَاجِ دَفِينٍ، فَيُعِيدُهَا كَمَا كَانَتْ حِينَ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ لَحِقَ الْأَرْضَ لِاسْتِصْلَاحِ مَا لَهُ الْمَخْرَجُ فَكَانَ عَلَيْهِ إزَالَتُهُ ‏(‏وَ‏)‏ ك ‏(‏بَقٍّ وَنَحْوِهِ‏)‏ كَدَلَمٍ ‏(‏غَيْرِ مُعْتَادٍ بِهَا‏)‏ أَيْ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ لِحُصُولِ الْأَذَى بِهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى قِرْبَةً فَوَجَدَ فِيهَا حَيَّةً عَظِيمَةً تَنْقُصُ بِهَا قِيمَتُهَا‏.‏

‏(‏وَكَوْنُهَا‏)‏ أَيْ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ ‏(‏يَنْزِلُهَا الْجُنْدُ‏)‏ بِأَنْ تَصِيرَ مُعَدَّةً لِنُزُولِهِمْ لِفَوَاتِ مَنْفَعَتِهَا زَمَنَهُ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ‏:‏ وَالْجَارُ السُّوءُ عَيْبٌ ‏(‏وَ‏)‏ كَوْنُ ‏(‏ثَوْبٍ غَيْرَ جَدِيدٍ مَا لَمْ يَبِنْ‏)‏ أَيْ يَظْهَرْ ‏(‏أَثَرُ اسْتِعْمَالِهِ‏)‏ لِنَقْصِهِ بِالِاسْتِعْمَالِ فَإِنْ بَانَ فَلَا فَسْخَ لِمُشْتَرٍ لِدُخُولِهِ عَلَى بَصِيرَةٍ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ كَوْنُ ‏(‏مَاءٍ‏)‏ مَبِيعٍ ‏(‏مُسْتَعْمَلًا فِي‏)‏ نَحْوِ ‏(‏رَفْعِ حَدَثٍ‏)‏ لِذَهَابِ بَعْضِ مَنَافِعِهِ ‏(‏وَلَوْ اشْتَرَى الْمَاءَ لِشُرْبٍ‏)‏؛ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُهُ ‏(‏لَا مَعْرِفَةِ غَنَاءٍ‏)‏ فَلَيْسَتْ عَيْبًا؛ لِأَنَّهُ لَا نَقْصَ فِي قِيمَةٍ وَلَا عَيْنٍ ‏(‏وَلَا ثُيُوبَةَ‏)‏؛ لِأَنَّهَا الْغَالِبُ عَلَى الْجَوَارِي وَالْإِطْلَاقُ لَا يَقْتَضِي خِلَافَهَا ‏(‏وَ‏)‏ لَا ‏(‏عَدَمِ حَيْضٍ‏)‏؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ لَا يَقْتَضِي الْحَيْضَ وَلَا عَدَمَهُ فَلَيْسَ فَوَاتُهُ عَيْبًا‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ لَا ‏(‏كُفْرٍ‏)‏؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الرَّقِيقِ ‏(‏وَ‏)‏ لَا ‏(‏فِسْقٍ بِاعْتِقَادٍ‏)‏ كَرَافِضِيٍّ ‏(‏أَوْ فِعْلِ‏)‏ غَيْرِ زِنًا وَشُرْبِ خَمْرٍ مُسْكِرٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا سَبَقَ وَنَحْوُ اسْتِطَالَةٍ عَلَى النَّاسِ؛ لِأَنَّهُ دُونَ الْكُفْرِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ لَا ‏(‏تَغْفِيلٍ‏)‏؛ لِأَنَّ الْحِذْقَ لَيْسَ غَالِبًا فِي الرَّقِيقِ ‏(‏وَ‏)‏ لَا ‏(‏عُجْمَةٍ‏)‏ لِسَانٍ أَوْ كَوْنِهِ تَمْتَامًا أَوْ فَأْفَاءً أَوْ أَرَتَّ أَوْ أَلْثَغَ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِيهِ ‏(‏وَ‏)‏ لَا ‏(‏قَرَابَةٍ‏)‏ وَرَضَاعٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ خَلَلًا فِي الْمَالِيَّةِ وَالتَّحْرِيمُ خَاصٌّ بِهِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ لَا ‏(‏صُدَاعٍ وَحُمَّى يَسِيرَيْنِ‏)‏ و‏(‏لَا‏)‏ سُقُوطِ آيَاتٍ ‏(‏يَسِيرَةٍ‏)‏ عُرْفًا ‏(‏بِمُصْحَفٍ وَنَحْوِهِ‏)‏ كَسُقُوطِ بَعْضِ كَلِمَاتٍ بِالْكُتُبِ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ يُتَسَامَحُ فِيهِ كَيَسِيرِ تُرَابٍ وَنَحْوِهِ بِبُرٍّ، كَغَبْنٍ يَسِيرٍ فَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ فَلَهُ الْخِيَارُ ‏(‏وَيُخَيَّرُ مُشْتَرٍ فِي‏)‏ مَبِيعٍ ‏(‏مَعِيبٍ قَبْلَ عَقْدٍ‏)‏ مُطْلَقًا ‏(‏أَوْ‏)‏ قَبْلَ ‏(‏قَبْضِ مَا‏)‏ أَيْ مَبِيعٍ ‏(‏يَضْمَنُهُ بَائِعٌ قَبْلَهُ‏)‏ أَيْ الْقَبْضِ ‏(‏كَثَمَرٍ عَلَى شَجَرٍ وَنَحْوِهِ‏)‏ كَمَوْصُوفٍ وَمَا تَقَدَّمَتْ رُؤْيَتُهُ الْعَقْدَ بِزَمَنٍ لَا يَتَغَيَّرُ فِيهِ ‏(‏وَمَا بِيعَ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ‏)‏؛ لِأَنَّ تَعَيُّبَ الْمَبِيعِ كَتَلَفِ جُزْءٍ مِنْهُ، فَإِنْ تَعَيَّبَ مَا لَا يَضْمَنُهُ بَائِعٌ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَا خِيَارَ لِمُشْتَرٍ ‏(‏إذَا جَهِلَهُ‏)‏ أَيْ جَهِلَ مُشْتَرٍ الْعَيْبَ حِينَ عَقَدَ ‏(‏ثُمَّ بَانَ‏)‏ أَيْ ظَهَرَ لَهُ فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِدُخُولِهِ عَلَى بَصِيرَةٍ ‏(‏بَيْنَ رَدِّ‏)‏ الْمَعِيبِ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْعَقْدِ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ فَيَرُدُّ لِاسْتِدْرَاكِ مَا فَاتَهُ‏.‏

‏(‏وَمُؤْنَتُهُ‏)‏ أَيْ الرَّدِّ ‏(‏عَلَيْهِ‏)‏ أَيْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَنْتَقِلُ عَنْهُ بِاخْتِيَارِهِ الرَّدَّ فَتَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ التَّوْفِيَةِ‏.‏

‏(‏وَيَأْخُذُ‏)‏ مُشْتَرٍ رَدَّ الْمَبِيعَ ‏(‏مَا دَفَعَ‏)‏ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ عَنْهُ مِنْ ثَمَنٍ ‏(‏أَوْ‏)‏ بَدَلَ مَا ‏(‏أَبْرَأَ‏)‏ هـ بَائِعٌ مِنْهُ ‏(‏أَوْ‏)‏ بَدَلَ مَا ‏(‏وَهَبَ‏)‏ لَهُ بَائِعٌ ‏(‏مِنْ ثَمَنِهِ‏)‏ كُلًّا كَانَ أَوْ بَعْضًا لِاسْتِحْقَاقِ الْمُشْتَرِي بِالْفَسْخِ اسْتِرْجَاعَ جَمِيعِ الثَّمَنِ، كَزَوْجٍ طَلَّقَ قَبْلَ دُخُولٍ وَقَدْ أُبْرِئَ مِنْ الصَّدَاقِ أَوْ وُهِبَ لَهُ ‏(‏وَبَيْنَ إمْسَاكٍ مَعَ أَرْشِ‏)‏ عَيْبٍ لِرِضَا الْمُتَبَايِعَيْنِ عَلَى أَنَّ الْعِوَضَ فِي مُقَابَلَةِ الْمُعَوَّضِ فَكُلُّ جُزْءٍ مِنْ الْعِوَضِ يُقَابِلُهُ جُزْءٌ مِنْ الْمُعَوَّضِ، وَمَعَ الْعَيْبِ فَإِنَّهُ جُزْءٌ فَيَرْجِعُ بِبَدَلِهِ وَهُوَ الْأَرْشُ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْمُصَرَّاةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا عَيْبٌ وَإِنَّمَا الْخِيَارُ لَهُ بِالتَّدْلِيسِ لَا لِفَوَاتِ جُزْءٍ، فَلَمْ يَسْتَحِقَّ أَرْشًا ‏(‏وَهُوَ‏)‏ أَيْ الْأَرْشُ ‏(‏قِسْطُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ‏)‏ أَيْ الْمَعِيبِ ‏(‏صَحِيحًا وَمَعِيبًا مِنْ ثَمَنِهِ‏)‏ نَصًّا‏.‏

فَلَوْ قُوِّمَ مَبِيعٌ صَحِيحًا بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَمَعِيبًا بِاثْنَيْ عَشَرَ فَقَدْ نَقَصَ خُمْسَ قِيمَتِهِ فَيَرْجِعُ بِخُمْسِ الثَّمَنِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَضْمُونٌ عَلَى مُشْتَرٍ بِثَمَنِهِ فَإِذَا فَاتَهُ جُزْءٌ مِنْهُ سَقَطَ عَنْهُ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّا لَوْ ضَمَّنَّاهُ نَقْصَ الْقِيمَةِ لَأَدَّى إلَى اجْتِمَاعِ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ فِي نَحْوِ مَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِعَشَرَةٍ وَقِيمَتُهُ عِشْرُونَ وَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا يُنْقِصُهُ النِّصْفُ فَأَخَذَهَا وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ ‏(‏مَا لَمْ يُفْضِ‏)‏ أَخْذُ أَرْشٍ ‏(‏إلَى رِبًا، كَشِرَاءِ حُلِيٍّ فِضَّةً بِزِنَتِهِ دَرَاهِمَ‏)‏ فِضَّةً وَيَجِدُهُ مَعِيبًا ‏(‏أَوْ‏)‏ شِرَاءِ ‏(‏قَفِيزٍ مِمَّا يَجْرِي فِيهِ رِبًا‏)‏ كَبُرٍّ وَشَعِيرٍ ‏(‏بِمِثْلِهِ‏)‏ جِنْسًا وَقَدْرًا ‏(‏وَيَجِدُهُ مَعِيبًا فَيَرُدُّ‏)‏ مُشْتَرٍ ‏(‏أَوْ يُمْسِكُ مَجَّانًا‏)‏ بِلَا أَرْشٍ؛ لِأَنَّ أَخْذَهُ يُؤَدِّي إلَى رِبَا الْفَضْلِ، أَوْ مَسْأَلَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ‏.‏

‏(‏وَإِنْ تَعَيَّبَ‏)‏ الْحُلِيُّ أَوْ الْقَفِيزُ الْمَبِيعُ كَمَا سَبَقَ ‏(‏أَيْضًا عِنْدَهُ‏)‏ أَيْ الْمُشْتَرِي ‏(‏فَسَخَهُ‏)‏ أَيْ الْعَقْدَ ‏(‏حَاكِمٌ‏)‏ لِتَعَذُّرِ فَسْخِ كُلٍّ مِنْ بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ أَحَدِهِمَا إنَّمَا هُوَ لِاسْتِدْرَاكِ ظُلَامَتِهِ‏.‏

وَهُنَا إنْ فَسَخَ بَائِعٌ فَالْحَقُّ عَلَيْهِ، لِكَوْنِهِ بَاعَ مَعِيبًا وَإِنْ فَسَخَ مُشْتَرٍ فَالْحَقُّ عَلَيْهِ لِتَعَيُّبِهِ عِنْدَهُ فَكُلٌّ إذَا فَسَخَ يَفِرُّ مِمَّا عَلَيْهِ وَالْعَيْبُ لَا يُهْمَلُ بِلَا رِضًا فَلَمْ يَبْقَ طَرِيقٌ إلَى التَّوَصُّلِ إلَى الْحَقِّ إلَّا بِفَسْخِ الْحَاكِمِ هَذَا مَعْنَى تَعْلِيلِ الْمُنَقِّحِ فِي حَوَاشِي التَّنْقِيحِ ‏(‏وَرَدَّ بَائِعٌ الثَّمَنَ‏)‏ إنْ قَبَضَهُ ‏(‏وَطَالَبَ‏)‏ مُشْتَرِيًا ‏(‏بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ‏)‏ مَعِيبًا بِعَيْبِهِ الْأَوَّلِ ‏(‏؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ لَا يُهْمَلُ بِلَا رِضًا وَلَا أَخْذِ أَرْشٍ‏)‏ وَلَمْ يَرْضَ مُشْتَرٍ بِإِمْسَاكِهِ مَجَّانًا وَلَا يُمْكِنُهُ أَخْذُ أَرْشِ الْعَيْبِ الْأَوَّلِ وَلَا رَدُّهُ مَعَ أَرْشِ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ لِإِفْضَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى الرِّبَا فَإِنْ اخْتَارَ مُشْتَرٍ إمْسَاكَهُ مَجَّانًا فَلَا فَسْخَ‏.‏

‏(‏وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ‏)‏ مُشْتَرِي حُلِيٍّ بِدَرَاهِمَ أَوْ رِبَوِيٍّ بِمِثْلِهِ ‏(‏عَيْبَهُ حَتَّى تَلِفَ‏)‏ الْمَبِيعُ ‏(‏عِنْدَهُ، وَلَمْ يَرْضَ بِعَيْبِهِ بَعْدَ فَسْخِ الْعَقْدِ‏)‏ لِيَسْتَدْرِكَ ظِلَامَتَهُ‏.‏

‏(‏وَرَدَّ‏)‏ مُشْتَرٍ ‏(‏بَدَلَهُ‏)‏ أَيْ الْمَعِيبِ التَّالِفِ عِنْدَهُ ‏(‏وَاسْتَرْجَعَ الثَّمَنَ‏)‏ إنْ كَانَ أَقْبَضَهُ لِبَائِعٍ لِتَعَذُّرِ أَخْذِ الْأَرْشِ، لِإِفْضَائِهِ لِلرِّبَا، ‏(‏وَكَسْبُ مَبِيعٍ مَعِيبٍ‏)‏ مِنْ عَقْدٍ إلَى رَدٍّ ‏(‏لِمُشْتَرٍ‏)‏ لِحَدِيثِ ‏{‏الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ‏}‏ وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ لَكَانَ مِنْ ضَمَانِهِ ‏(‏وَلَا يَرُدُّ‏)‏ مُشْتَرٍ رَدَّ مَبِيعًا ‏(‏لِعَيْبِهِ نَمَاءً مُنْفَصِلًا‏)‏ مِنْهُ كَثَمَرَةٍ وَوَلَدِ بَهِيمَةٍ ‏(‏إلَّا لِعُذْرٍ كَوَلَدِ أَمَةٍ‏)‏ فَيَرُدُّ مَعَهَا لِتَحْرِيمِ التَّفْرِيقِ ‏(‏وَلَهُ‏)‏ أَيْ الْمُشْتَرِي ‏(‏قِيمَتُهُ‏)‏ أَيْ الْوَلَدِ عَلَى بَائِعٍ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ‏.‏

‏(‏وَلَهُ‏)‏ أَيْ الْمُشْتَرِي ‏(‏رَدُّ‏)‏ أَمَةٍ ‏(‏ثَبَتَ‏)‏ لِعَيْبِهَا ‏(‏وَطِئَهَا‏)‏ الْمُشْتَرِي قَبْلَ عِلْمِهِ عَيْبَهَا ‏(‏مَجَّانًا‏)‏؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ نَقْصُ جُزْءٍ وَلَا صِفَةٍ كَمَا لَوْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً فَوَطِئَهَا الزَّوْجُ ‏(‏وَإِنْ وَطِئَ‏)‏ مُشْتَرٍ ‏(‏بِكْرًا‏)‏ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهَا ‏(‏أَوْ تَعَيَّبَ‏)‏ الْمَبِيعُ عِنْدَهُ كَثَوْبٍ قَطَعَهُ ‏(‏أَوْ نَسِيَ‏)‏ رَقِيقٌ ‏(‏صَنْعَةً عِنْدَهُ‏)‏ أَيْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ ‏(‏فَلَهُ‏)‏ أَيْ الْمُشْتَرِي ‏(‏الْأَرْشُ‏)‏ لِلْعَيْبِ الْأَوَّلِ ‏(‏أَوْ رَدُّهُ‏)‏ عَلَى بَائِعِهِ ‏(‏مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ‏)‏ الْحَادِثِ عِنْدَهُ لِقَوْلِ عُثْمَانَ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى ثَوْبًا وَلَبِسَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ ‏"‏ يَرُدُّهُ وَمَا نَقَصَ ‏"‏ فَأَجَازَ الرَّدَّ مَعَ النُّقْصَانِ رَوَاهُ الْخَلَّالُ‏.‏

وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ الْإِمَامُ وَالْأَرْشُ هُنَا مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ بِالْعَيْبِ الْأَوَّلِ وَقِيمَتِهِ بِالْعَيْبَيْنِ ‏(‏وَلَا يَرْجِعُ‏)‏ مُشْتَرٍ رَدَّ مَعِيبًا مَعَ أَرْشِ عَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَهُ ‏(‏بِهِ‏)‏ أَيْ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ ‏(‏إنْ زَالَ‏)‏ عَيْبُهُ، كَتَذَكُّرِهِ صَنْعَةً نَسِيَهَا لِصَيْرُورَةِ الْمَبِيعِ مَضْمُونًا عَلَى الْمُشْتَرِي بِقِيمَتِهِ بِفَسْخِهِ بِالْعَيْبِ الْأَوَّلِ، بِخِلَافِ مُشْتَرٍ أَخَذَ أَرْشَ عَيْبٍ مِنْ بَائِعٍ ثُمَّ زَالَ سَرِيعًا فَيَرُدُّهُ لِزَوَالِ النَّقْصِ الَّذِي لِأَجْلِهِ وَجَبَ الْأَرْشُ ‏(‏وَإِنْ دَلَّسَ بَائِعٌ‏)‏ عَيْبًا بِأَنْ عَلِمَهُ وَكَتَمَهُ ‏(‏فَلَا أَرْشَ عَلَى مُشْتَرٍ‏)‏ بِتَعَيُّبِهِ عِنْدَهُ بِمَرَضٍ أَوْ جِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ فِعْلِ مَبِيعٍ، كَإِبَاقِهِ أَوْ فِعْلِ مُشْتَرٍ كَوَطْئِهِ بِكْرًا، أَوْ خَتْنِ غَيْرِ مُخْتَتِنٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا هُوَ مَأْذُونٌ فِيهِ، بِخِلَافِ نَحْوِ قَلْعِ سِنٍّ أَوْ قَطْعِ عُضْوٍ ‏(‏وَذَهَبَ‏)‏ مَبِيعٌ ‏(‏عَلَيْهِ‏)‏ أَيْ الْبَائِعِ الْمُدَلِّسِ ‏(‏إنْ تَلِفَ‏)‏ الْمَبِيعُ بِغَيْرِ فِعْلِ مُشْتَرٍ، كَمَوْتِهِ ‏(‏أَوْ أَبَقَ‏)‏ نَصًّا؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ وَيَتْبَعُ بَائِعٌ عَبْدَهُ حَيْثُ كَانَ‏.‏

‏(‏وَإِلَّا‏)‏ يَكُنْ الْبَائِعُ دَلَّسَ الْعَيْبَ ‏(‏فَتَلِفَ‏)‏ مَبِيعٌ مَعِيبٌ بِيَدِ مُشْتَرٍ ‏(‏أَوْ عَتَقَ‏)‏ تَعَيَّنَ أَرْشٌ ‏(‏أَوْ لَمْ يَعْلَمْ مُشْتَرٍ عَيْبَهُ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعِ ‏(‏حَتَّى صَبَغَ‏)‏ نَحْوَ ثَوْبٍ ‏(‏أَوْ نَسَجَ‏)‏ غَزْلًا ‏(‏أَوْ وَهَبَ‏)‏ مَبِيعًا ‏(‏أَوْ بَاعَهُ أَوْ‏)‏ صَبَغَ أَوْ نَسَجَ أَوْ وَهَبَ أَوْ بَاعَ ‏(‏بَعْضَهُ تَعَيَّنَ الْأَرْشُ‏)‏ نَصًّا؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يُوَفِّهِ مَا أَوْجَبَهُ لَهُ الْعَقْدُ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الرِّضَا بِهِ نَاقِصًا فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَالَمًا بِعَيْبِهِ فَلَا أَرْشَ لَهُ، لِرِضَاهُ بِالْمَبِيعِ نَاقِصًا وَعُلِمَ مِنْهُ‏:‏ أَنَّهُ لَا رَدَّ لَهُ فِي الْبَاقِي بَعْدَ تَصَرُّفِهِ فِي الْبَعْضِ ‏(‏وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ‏)‏ أَيْ الْمُشْتَرِي إنْ تَصَرَّفَ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ عِلْمِ عَيْبِهِ ‏(‏فِي قِيمَتِهِ‏)‏ لِاتِّفَاقِ الْعَاقِدَيْنِ عَلَى عَدَمِ قَبْضِ جُزْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ وَهُوَ مَا قَابَلَ الْأَرْشَ، فَقُبِلَ قَوْلُ مُشْتَرٍ فِي قَدْرِهِ‏.‏

‏(‏لَكِنْ لَوْ‏)‏ بَاعَ مُشْتَرٍ الْمَعِيبِ قَبْلَ عِلْمِهِ ‏(‏وَرَدَّهُ عَلَيْهِ‏)‏ قَبْلَ أَخْذِ أَرْشِهِ ‏(‏فَلَهُ‏)‏ أَيْ الْمُشْتَرِي ‏(‏أَرْشُهُ‏)‏ أَيْ الْعَيْبِ ‏(‏أَوْ رَدُّهُ‏)‏ لِزَوَالِ الْمَانِعِ كَمَا لَوْ لَمْ يَبِعْهُ ‏(‏وَإِنْ بَاعَهُ‏)‏ أَيْ الْمَعِيبَ مُشْتَرٍ قَبْلَ عِلْمِ عَيْبِهِ ‏(‏لِبَائِعِهِ‏)‏ لَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَيْضًا عَيْبَهُ ثُمَّ عَلِمَهُ ‏(‏فَلَهُ‏)‏ أَيْ الْبَائِعِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي لَهُ ثَانِيًا ‏(‏رَدُّهُ عَلَى‏)‏ الْبَائِعِ الثَّانِي ‏(‏ثُمَّ لِلْبَائِعِ الثَّانِي رَدُّهُ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعِ الْمَرْدُودِ ‏(‏عَلَيْهِ‏)‏ أَيْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ ‏(‏وَفَائِدَتُهُ‏)‏ أَيْ الرَّدِّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ ‏(‏اخْتِلَافُ الثَّمَنَيْنِ‏)‏ وَكَذَا إنْ اخْتَارَ الْأَرْشَ وَعَلِمَ مِنْهُ‏:‏ أَنَّهُ لَا رَدَّ مَعَ اتِّفَاقِ الثَّمَنَيْنِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِيهِ‏.‏

‏(‏وَإِنْ كَسَرَ‏)‏ مُشْتَرٍ ‏(‏مَا‏)‏ أَيْ مَبِيعًا ‏(‏مَأْكُولُهُ فِي جَوْفِهِ‏)‏ كَرُمَّانٍ وَبِطِّيخٍ ‏(‏فَوَجَدَهُ‏)‏ أَيْ الْمَأْكُولَ ‏(‏فَاسِدًا وَلَيْسَ لِمَكْسُورِهِ قِيمَةٌ، كَبَيْضِ الدَّجَاجِ رَجَعَ بِثَمَنِهِ‏)‏ لِتَبَيُّنِ فَسَادِ الْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ عَلَى مَا لَا نَفْعَ فِيهِ وَإِنْ وَجَدَ الْبَعْضَ فَاسِدًا رَجَعَ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ رَدُّ فَاسِدِهِ إلَى بَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ‏.‏

‏(‏وَإِنْ كَانَ لَهُ‏)‏ أَيْ مَكْسُورِهِ ‏(‏قِيمَةٌ كَبَيْضِ النَّعَامِ وَجَوْزِ الْهِنْدِ، خُيِّرَ‏)‏ مُشْتَرٍ ‏(‏بَيْنَ‏)‏ أَخْذِ ‏(‏أَرْشِهِ‏)‏ لِنَقْصِهِ بِكَسْرِهِ ‏(‏وَبَيْنَ رَدِّهِ مَعَ أَرْشِ كَسْرِهِ‏)‏ الَّذِي تَبْقَى لَهُ مَعَهُ قِيمَةٌ إنْ لَمْ يُدَلِّسْ بَائِعٌ كَمَا مَرَّ ‏(‏وَأَخْذِ ثَمَنِهِ‏)‏ لِاقْتِضَاءِ الْعَقْدِ السَّلَامَةَ ‏(‏وَ يَتَعَيَّنُ أَرْشٌ‏)‏ لِمُشْتَرٍ ‏(‏مَعَ كَسْرٍ لَا تَبْقَى مَعَهُ قِيمَةٌ‏)‏ كَنَحْوِ جَوْزِ هِنْدٍ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ‏.‏

‏(‏وَخِيَارُ عَيْبٍ مُتَرَاخٍ‏)‏؛ لِأَنَّهُ لِدَفْعِ ضَرَرٍ مُتَحَقِّقٍ، فَلَا يَسْقُطُ بِالتَّأْخِيرِ كَالْقِصَاصِ، فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُ عَيْبٍ ‏(‏إلَّا إنْ وُجِدَ دَلِيلُ رِضَاهُ‏)‏ أَيْ الْمُشْتَرِي ‏(‏كَتَصَرُّفِهِ‏)‏ فِي مَبِيعٍ عَالِمًا بِعَيْبِهِ بِنَحْوِ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ ‏(‏وَ‏)‏ ك ‏(‏اسْتِعْمَالِهِ‏)‏ الْمَبِيعَ ‏(‏لِغَيْرِ تَجْرِبَةٍ‏)‏ كَوَطْءٍ وَحَمْلٍ عَلَى دَابَّةٍ ‏(‏فَيَسْقُطُ أَرْشٌ كَرَدٍّ‏)‏ لِقِيَامِ دَلِيلِ الرِّضَا مَقَامَ التَّصْرِيحِ بِهِ وَإِنْ تَصَرَّفَ فِي بَعْضِهِ فَلَهُ أَرْشُ الْبَاقِي لَا رَدُّهُ ‏(‏وَلَا يَفْتَقِرُ رَدُّ‏)‏ مُشْتَرٍ مَبِيعًا لِنَحْوِ عَيْبٍ ‏(‏إلَى حُضُورِ بَائِعٍ وَلَا‏)‏ إلَى ‏(‏رِضَاهُ، وَلَا‏)‏ إلَى ‏(‏قَضَاءِ‏)‏ حَاكِمٍ كَالطَّلَاقِ ‏(‏وَلِمُشْتَرٍ مَعَ غَيْرِهِ‏)‏ بِأَنْ اشْتَرَى شَخْصَانِ فَأَكْثَرَ ‏(‏مَعِيبًا‏)‏ صَفْقَةً وَاحِدَةً ‏(‏أَوْ‏)‏ اشْتَرَيَا مَبِيعًا ب ‏(‏شَرْطِ خِيَارٍ‏)‏ أَوْ غُبِنَا أَوْ دُلِّسَ عَلَيْهِمَا ‏(‏إذَا رَضِيَ الْآخَرُ‏)‏ بِالْبَيْعِ وَأَمْضَاهُ ‏(‏الْفَسْخُ فِي نَصِيبِهِ‏)‏ مِنْ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهُ رَدَّ جَمِيعَ مَا مَلَكَهُ بِالْعَقْدِ فَجَازَ ‏(‏كَشِرَاءِ وَاحِدٍ مِنْ اثْنَيْنِ‏)‏ شَيْئًا ثُمَّ بَانَ عَيْبُهُ‏.‏

أَوْ ‏(‏بِشَرْطِ خِيَارٍ‏)‏ وَنَحْوِهِ فَلَهُ رَدُّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ رَدَّ عَلَيْهِ جَمِيعَ مَا بَاعَهُ لَهُ وَلَا تَشْقِيصَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُشَقَّصًا قَبْلَ الْبَيْعِ و‏(‏لَا‏)‏ يَرُدُّ وَاحِدٌ نَصِيبَهُ مِنْ مَعِيبٍ أَوْ مَبِيعٍ بِشَرْطِ خِيَارٍ وَنَحْوِهِ ‏(‏إذَا وَرِثَ‏)‏ الْمَعِيبَ أَوْ خِيَارَ الشَّرْطِ لِتَشَقُّصِ السِّلْعَةِ عَلَى الْبَائِعِ وَقَدْ أَخْرَجَهَا عَنْ مِلْكِهِ غَيْرِ مُشَقَّصَةٍ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهَا لِوَاحِدٍ، بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا فَإِنَّ الْعَقْدَ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْعَاقِدِ ‏(‏وَلِلْحَاضِرِ مِنْ مُشْتَرِيَيْنِ نَقْدُ نِصْفِ ثَمَنِهِ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعِ لَهُمَا صَفْقَةً ‏(‏وَقَبَضَ نِصْفَهُ‏)‏ لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ مُشَقَّصًا‏.‏

‏(‏وَإِنْ نَقَدَهُ‏)‏ أَيْ الثَّمَنَ ‏(‏كُلَّهُ‏)‏ عَنْ نَفْسِهِ وَشَرِيكِهِ ‏(‏لَمْ يَقْبِضْ إلَّا نِصْفَهُ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ بِالْعَقْدِ غَيْرَهُ وَهَذَا فِي مَكِيلٍ وَنَحْوِهِ فَإِنْ كَانَ عَبْدًا وَنَحْوَهُ فَلَيْسَ لِبَائِعٍ إقْبَاضُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ ‏(‏وَرَجَعَ‏)‏ مُقْبِضُ كُلِّ الثَّمَنِ ‏(‏عَلَى الْغَائِبِ‏)‏ بِنَظِيرِ مَا عَلَيْهِ مِنْهُ إنْ نَوَى الرُّجُوعَ‏.‏

‏(‏وَلَوْ قَالَ‏)‏ وَاحِدٌ ‏(‏لِاثْنَيْنِ‏)‏ ‏(‏بِعْتُكُمَا‏)‏ كَذَا بِكَذَا ‏(‏فَقَالَ أَحَدُهُمَا قَبِلْت‏)‏ وَسَكَتَ الْآخَرُ ‏(‏جَازَ‏)‏ أَيْ صَحَّ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الْمَبِيعِ وَبِنِصْفِ الثَّمَنِ لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ بِتَعَدُّدِ الْمَعْقُودِ مَعَهُ ‏(‏وَمَنْ اشْتَرَى مَعِيبَيْنِ‏)‏ مِنْ وَاحِدٍ صَفْقَةً ‏(‏أَوْ‏)‏ اشْتَرَى ‏(‏مَعِيبًا فِي وِعَاءَيْنِ صَفْقَةً لَمْ يَمْلِكْ رَدَّ أَحَدِهِمَا‏)‏ أَيْ أَحَدِ الْمَعِيبَيْنِ أَوْ مَا فِي أَحَدِ الْوِعَاءَيْنِ ‏(‏بِقِسْطِهِ‏)‏ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ تَفْرِيقٌ لِلصَّفْقَةِ مَعَ إمْكَانِ عَدَمِهِ أَشْبَهَ رَدَّ بَعْضَ الْمَعِيبِ لِوَاحِدٍ وَلَهُ مَعَ الْإِمْسَاكِ الْأَرْشُ ‏(‏إلَّا إنْ تَلِفَ الْآخَرُ‏)‏ فَلَهُ رَدُّ الْبَاقِي بِقِسْطِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْبَائِعِ كَرَدِّ الْجَمِيعِ‏.‏

‏(‏وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ‏)‏ أَيْ الْمُشْتَرِي ‏(‏بِيَمِينِهِ فِي قِيمَتِهِ‏)‏ أَيْ التَّالِفِ لِيُوَزِّعَ الثَّمَنَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِمَا يَدَّعِيهِ الْبَائِعُ مِنْ زِيَادَةِ قِيمَتِهِ ‏(‏وَمَعَ عَيْبِ أَحَدِهِمَا‏)‏ أَيْ أَحَدِ الْمَبِيعَيْنِ أَوْ مَا فِي الْوِعَاءَيْنِ ‏(‏فَقَطْ‏)‏ دُون الْآخَر ‏(‏لَهُ رَدُّهُ‏)‏ أَيْ الْمَعِيبِ ‏(‏بِقِسْطِهِ‏)‏ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْبَائِعِ و‏(‏لَا‏)‏ يَرُدُّ أَحَدَهُمَا ‏(‏إنْ نَقَصَ‏)‏ مَبِيعٌ ‏(‏بِتَفْرِيقٍ، كَمِصْرَاعَيْ بَابٍ وَزَوْجَيْ خُفٍّ‏)‏ بِيعَا وَوُجِدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبٌ فَلَا يَرُدُّهُ وَحْدَهُ، لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَى الْبَائِعِ بِنَقْصِ الْقِيمَةِ ‏(‏أَوْ حَرُمَ‏)‏ تَفْرِيقُ ‏(‏كَأَخَوَيْنِ وَنَحْوِهِمَا‏)‏ بِيعَا صَفْقَةً وَبَانَ أَحَدُهُمَا مَعِيبًا لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ لِتَحْرِيمِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ ذَوِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ‏.‏

‏(‏وَمِثْلُهُ‏)‏ أَيْ مَا ذُكِرَ فِي الْأَخَوَيْنِ فِي عَدَمِ التَّفْرِيقِ رَقِيقٌ ‏(‏جَانٍ لَهُ وَلَدٌ‏)‏ أَوْ أَخٌ وَنَحْوُهُ، وَأُرِيدَ بَيْعُ جَانٍ فِي الْجِنَايَةِ، فَلَا يُبَاعُ وَحْدَهُ لِتَحْرِيمِ التَّفْرِيقِ، بَلْ ‏(‏يُبَاعَانِ‏)‏ وَقِيمَةُ جَانٍ تُصْرَفُ فِي أَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَى مَا يَأْتِي ‏(‏وَقِيمَةُ الْوَلَدِ‏)‏ أَوْ نَحْوُهُ ‏(‏لِمَوْلَاهُ‏)‏ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ بِهِ، وَإِنَّمَا بِيعَ ضَرُورَةَ تَحْرِيمِ التَّفْرِيقِ ‏(‏وَالْمَبِيعُ بَعْدَ فَسْخِ‏)‏ بَيْعِ الْعَيْبِ أَوْ غَيْرِهِ ‏(‏أَمَانَةٌ بِيَدِ مُشْتَرٍ‏)‏ لِحُصُولِهِ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ، لَكِنْ إنْ قَصَّرَ فِي رَدِّهِ فَتَلِفَ ضَمِنَهُ لِتَفْرِيطِهِ، كَثَوْبٍ أَطَارَتْهُ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ‏.‏

‏[‏فصل‏:‏ اختلاف البائع والمشتر‏]‏

وَإِنْ اخْتَلَفَا أَيْ بَائِعٌ وَمُشْتَرٍ ‏(‏عِنْدَ مَنْ حَدَثَ الْعَيْبَ‏)‏ فِي الْمَبِيعِ ‏(‏مَعَ الِاحْتِمَالِ‏)‏ لِحُصُولِهِ عِنْدَ بَائِعٍ وَحُدُوثِهِ عِنْدَ مُشْتَرٍ، كَإِبَاقِ ‏(‏وَلَا بَيِّنَةَ‏)‏ لِأَحَدِهِمَا ‏(‏ف‏)‏ الْقَوْلُ ‏(‏قَوْلُ مُشْتَرٍ بِيَمِينِهِ‏)‏؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الْقَبْضَ فِي الْجُزْءِ الْفَائِتِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ كَقَبْضِ الْمَبِيعِ ‏(‏عَلَى الْبَتِّ‏)‏ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ وَبِهِ الْعَيْبُ، أَوْ أَنَّهُ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ ‏(‏إنْ لَمْ يَخْرُجْ‏)‏ مَبِيعٌ ‏(‏عَنْ يَدِهِ‏)‏ أَيْ الْمُشْتَرِي فَإِنْ غَابَ عَنْهُ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ عِنْدَ مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْحَلِفُ عَلَى الْبَتِّ‏.‏

وَكَذَا لَوْ وَطِئَ مُشْتَرٍ أَمَةً اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ، وَقَالَ‏:‏ لَمْ أُصِبْهَا بِكْرًا فَقَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا قَبْلَ وَطْئِهِ أُرِيَتْ الثِّقَاتَ‏.‏

‏(‏وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ إلَّا قَوْلُ أَحَدِهِمَا‏)‏ كَأُصْبُعٍ زَائِدَةٍ أَوْ جُرْحٍ طَرِيٍّ لَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ عَقْدٍ ‏(‏قُبِلَ‏)‏ قَوْلُ مُشْتَرٍ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ وَبَائِعٍ فِي الثَّانِي ‏(‏بِلَا يَمِينٍ‏)‏ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ ‏(‏وَيُقْبَلُ قَوْلُ بَائِعٍ‏)‏ بِيَمِينِهِ ‏(‏أَنَّ الْمَبِيعَ‏)‏ الْمَعِيبَ الْمُعَيَّنَ بِعَقْدٍ ‏(‏لَيْسَ الْمَرْدُودَ‏)‏ نَصًّا لِإِنْكَارِ بَائِعٍ كَوْنَهُ سِلْعَتَهُ وَإِنْكَارِهِ اسْتِحْقَاقَ الْفَسْخِ فَإِنْ أَقَرَّ بِكَوْنِهِ مَعِيبًا أَوْ أَنْكَرَ أَنَّهُ الْمَبِيعُ، فَقَوْلُ مُشْتَرٍ، لِمَا يَأْتِي ‏(‏إلَّا فِي خِيَارِ شَرْطٍ‏)‏ إذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي رَدَّ مَا اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ كَوْنَهُ الْمَبِيعَ ‏(‏ف‏)‏ الْقَوْلُ ‏(‏قَوْلُ مُشْتَرٍ‏)‏ أَنَّهُ الْمَرْدُودُ بِيَمِينِهِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْفَسْخِ ‏(‏وَ‏)‏ يُقْبَلُ ‏(‏قَوْلُ مُشْتَرٍ فِي عَيْنِ ثَمَنٍ مُعَيَّنٍ بِعَقْدٍ‏)‏ أَنَّهُ لَيْسَ الْمَرْدُودَ إنْ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ لِمَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ رُدَّ عَلَيْهِ بِخِيَارٍ أَوْ شَرْطٍ، فَقِيَاسُ الَّتِي قَبْلَهَا يُقْبَلُ قَوْلُ بَائِعٍ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ يُقْبَلُ قَوْلُ ‏(‏قَابِضٍ‏)‏ مِنْ بَائِعٍ وَغَيْرِهِ بِيَمِينِهِ ‏(‏فِي ثَابِتٍ فِي ذِمَّةٍ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ، وَقَرْضٍ وَسَلَمٍ وَنَحْوِهِ‏)‏ كَأُجْرَةٍ وَقِيمَةِ مُتْلَفٍ، إذَا أَرَادَ رَدَّهُ بِعَيْبٍ وَأَنْكَرَهُ مَقْبُوضٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ شَغْلِ الذِّمَّةِ ‏(‏إنْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ يَدِهِ‏)‏ أَيْ الْقَابِضِ أَيْ يَغِبْ عَنْهُ، فَلَا يَمْلِكُ رَدَّهُ لِمَا تَقَدَّمَ ‏(‏وَمَنْ بَاعَ قِنًّا‏)‏ عَبْدًا أَوْ أَمَةً وَلَوْ مُدَبَّرًا وَنَحْوَهُ ‏(‏تَلْزَمُهُ عُقُوبَةٌ مِنْ قِصَاصٍ أَوْ غَيْرِهِ‏)‏ كَحَدٍّ ‏(‏مِمَّنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ‏)‏ أَيْ لُزُومَ الْعُقُوبَةِ لَهُ ‏(‏فَلَا شَيْءَ لَهُ‏)‏ لِرِضَاهُ بِهِ مَعِيبًا ‏(‏وَإِنْ عَلِمَ‏)‏ بِذَلِكَ ‏(‏بَعْدَ الْبَيْعِ، خُيِّرَ بَيْنَ رَدِّ‏)‏ وَأَخْذِ مَا دَفَعَ مِنْ ثَمَنٍ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ بَيْنَ أَخْذِ ‏(‏أَرْشٍ‏)‏ مَعَ إمْسَاكٍ كَسَائِرِ الْعُيُوبِ ‏(‏وَ‏)‏ إنْ عَلِمَ مُشْتَرٍ بِذَلِكَ ‏(‏بَعْدَ قَتْلٍ‏)‏ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا ‏(‏يَتَعَيَّنَ أَرْشٌ‏)‏ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ، فَيُقَوَّمُ لَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِ ثُمَّ وَعَلَيْهِ الْعُقُوبَةُ وَيُؤْخَذُ بِالْقِسْطِ مِنْ الثَّمَنِ قُلْتُ‏:‏ إنْ دَلَّسَ بَائِعٌ فَاتَ عَلَيْهِ، وَرَجَعَ مُشْتَرٍ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ كَمَا سَبَقَ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ عَلِمَ مُشْتَرٍ ‏(‏بَعْدَ قَطْعٍ‏)‏ قِصَاصًا أَوْ لِسَرِقَةٍ وَنَحْوِهِمَا ‏(‏فَكَمَا لَوْ عَابَ عِنْدَهُ‏)‏ أَيْ الْمُشْتَرِي عَلَى مَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْقَطْعِ دُونَ حَقِيقَتِهِ ‏(‏وَإِنْ لَزِمَهُ‏)‏ أَيْ الْقِنَّ الْمَبِيعَ، أَيْ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ ‏(‏مَالٌ‏)‏ أَوْجَبَتْهُ الْجِنَايَةُ، أَوْ كَانَتْ عَمْدًا وَاخْتِيرَ ‏(‏وَالْبَائِعُ مُعْسِرٌ، قُدِّمَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ‏)‏ لِسَبْقِهِ عَلَى حَقِّ مُشْتَرٍ، فَيُبَاعُ فِيهَا ‏(‏وَلِمُشْتَرٍ‏)‏ جَهِلَ الْحَالَ ‏(‏الْخِيَارُ‏)‏ لِتَمَكُّنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْ انْتِزَاعِهِ كَسَائِرِ الْعُيُوبِ‏.‏

فَإِنْ اخْتَارَ الْإِمْسَاكَ، وَاسْتَوْعَبَتْ الْجِنَايَةُ رَقَبَةَ الْمَبِيعِ، وَأَخَذَ بِهَا رَجَعَ مُشْتَرٍ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ؛ لِأَنَّ أَرْشَ مِثْلِ ذَلِكَ جَمِيعُ الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ تَسْتَوْعِبْ فَبِقَدْرِ أَرْشِهِ ‏(‏وَإِنْ كَانَ‏)‏ بَائِعٌ ‏(‏مُوسِرًا تَعَلَّقَ أَرْشٌ‏)‏ وَجَبَ بِجِنَايَةِ مَبِيعٍ قَبْلَ بَيْعٍ ‏(‏بِذِمَّتِهِ‏)‏ أَيْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ تَسْلِيمِهِ فِي الْجِنَايَةِ وَفِدَائِهِ فَإِذَا بَاعَهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ فِدَاؤُهُ وَلِأَنَّهُ فَوَّتَهُ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَزِمَهُ أَرْشُهُ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ ‏(‏وَلَا خِيَارَ‏)‏ لِمُشْتَرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ، لِرُجُوعِ مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ عَلَى بَائِعٍ‏.‏

وَمَنْ اشْتَرَى مَتَاعًا فَوَجَدَهُ خَيْرًا مِمَّا اشْتَرَى فَعَلَيْهِ رَدُّهُ إلَى بَائِعِهِ، كَمَا لَوْ وَجَدَهُ أَرْدَأَ، كَانَ لَهُ رَدُّهُ نَصَّ عَلَيْهِ قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ جَاهِلًا بِهِ قَالَهُ فِي الْإِنْصَافِ‏.‏

الْقِسْمُ ‏(‏السَّادِسُ‏:‏ خِيَارٌ فِي الْبَيْعِ بِتَخَيُّرِ الثَّمَنِ‏)‏ إذَا أَخْبَرَ بَائِعٌ بِخِلَافِ الْوَاقِعِ ‏(‏وَيَثْبُتُ‏)‏ الْخِيَارُ فِي الْبَيْعِ بِتَخْيِيرِ الثَّمَنِ عَلَى قَوْلٍ ‏(‏فِي صُوَرٍ‏)‏ أَرْبَعٍ مِنْ صُوَرِ الْبَيْعِ وَاخْتُصَّتْ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ كَاخْتِصَاصِ السَّلَمِ بِاسْمِهِ ‏(‏فِي تَوْلِيَةٍ ك‏)‏ قَوْلِهِ ‏(‏وَلَّيْتُكَهُ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعَ ‏(‏أَوْ بِعْتُكَهُ بِرَأْسِ مَالِهِ، أَوْ‏)‏ بِعْتُكَهُ ‏(‏بِمَا اشْتَرَيْتُهُ بِهِ، أَوْ‏)‏ بِعْتُكَهُ ‏(‏بِرَقْمِهِ‏)‏ أَيْ بِثَمَنِهِ الْمَكْتُوبِ عَلَيْهِ ‏(‏وَ‏)‏ هُمَا ‏(‏يَعْلَمَانِهِ‏)‏ أَيْ الثَّمَنَ وَالرَّقْمَ ‏(‏وَ‏)‏ فِي ‏(‏شَرِكَةٍ وَهِيَ بَيْعُ بَعْضِهِ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعِ ‏(‏بِقِسْطِهِ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعِ مِنْ الثَّمَنِ ‏(‏كَ‏)‏ قَوْلِهِ ‏(‏أَشْرَكْتُك فِي ثُلُثِهِ أَوْ‏)‏ أَشْرَكْتُكَ ‏(‏فِي رُبْعِهِ وَنَحْوِهِمَا‏)‏ كَثُلُثِهِ أَوْ ثُمْنِهِ ‏(‏وَأَشْرَكْتُ‏)‏ فَقَطْ ف ‏(‏يَنْصَرِفُ إلَى نِصْفِهِ‏)‏؛ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ‏.‏

وَإِذَا قَالَ‏)‏ لِوَاحِدٍ‏:‏ أَشْرَكْتُكَ ثُمَّ قَالَهُ ‏(‏لِآخَرَ عَالِمٍ بِشَرِكَةِ الْأَوَّلِ فَلَهُ نِصْفُ نَصِيبِهِ‏)‏ أَيْ لَهُ الرُّبْعُ؛ لِأَنَّ إشْرَاكَهُ لَهُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا يَمْلِكُهُ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا ‏(‏وَإِلَّا‏)‏ يَعْلَمُ مَقُولٌ لَهُ بِشَرِكَةِ الْأَوَّلِ ‏(‏أَخَذَ نَصِيبَهُ كُلَّهُ‏)‏ وَهُوَ النِّصْفُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ فَقَدْ طَلَبَ مِنْهُ نِصْفَ الْمَبِيعِ وَأَجَابَهُ إلَيْهِ‏.‏

‏(‏وَإِنْ قَالَ‏)‏ ثَالِثٌ لَهُمَا ابْتِدَاءً ‏(‏أَشْرِكَانِي فَأَشْرَكَاهُ مَعًا أَخَذَ ثُلُثَهُ‏)‏ لِاقْتِضَائِهَا التَّسْوِيَةَ وَإِنْ أَشْرَكَهُ وَاحِدٌ بَعْدَ آخَرَ فَلَهُ النِّصْفُ ‏(‏وَمَنْ أَشْرَكَ آخَرَ فِي قَفِيزٍ‏)‏ اشْتَرَاهُ مِنْ نَحْوِ بُرٍّ أَوْ شَعِيرٍ ‏(‏أَوْ نَحْوِهِ‏)‏ كَرِطْلِ حَدِيدٍ أَوْ ذِرَاعٍ مِنْ نَحْوِ ثَوْبٍ ‏(‏قَبَضَ‏)‏ الَّذِي أَشْرَكَ ‏(‏بَعْضَهُ‏)‏ أَيْ الْقَفِيزَ وَنَحْوَهُ و‏(‏أَخَذَ‏)‏ الْمُشَرِّكُ ‏(‏نِصْفَ الْمَقْبُوضِ‏)‏؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ بِنَحْوِ كَيْلٍ لَا يَصِحُّ إلَّا فِيمَا قُبِضَ مِنْهُ ‏(‏وَإِنْ بَاعَهُ‏)‏ مُشْتَرِي الْقَفِيزِ أَوْ نَحْوِهِ ‏(‏مِنْ‏)‏ الْقَفِيزِ أَوْ نَحْوِهِ ‏(‏كُلَّهُ جُزْءًا‏)‏ كَنِصْفٍ أَوْ ثُلُثٍ ‏(‏ يُسَاوِي مَا قَبَضَ‏)‏ قَدْرًا ‏(‏انْصَرَفَ‏)‏ الْمَبِيعُ ‏(‏إلَى الْمَقْبُوضِ‏)‏؛ لِأَنَّهُ الَّذِي لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ ‏(‏وَ‏)‏ فِي ‏(‏مُرَابَحَةً وَهِيَ بَيْعُهُ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعِ ‏(‏بِثَمَنِهِ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعِ ‏(‏بِثَمَنِهِ‏)‏ أَيْ رَأْسِ مَالِهِ ‏(‏وَرِبْحٍ مَعْلُومٍ‏)‏ بِأَنْ يَقُولَ مَثَلًا‏:‏ ثَمَنُهُ مِائَةٌ بِعْتُكَ بِهَا وَبِرِبْحِ خَمْسَةٍ وَلَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ‏.‏

‏(‏وَإِنْ قَالَ‏)‏ بِعْتُك بِثَمَنِهِ كَذَا ‏(‏عَلَى أَنْ أَرْبَحَ فِي كُلِّ عَشَرَةٍ دِرْهَمًا كُرِهَ‏)‏ نَصًّا احْتَجَّ بِكَرَاهَةِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وكَأَنَّهُ دَرَاهِمُ بِدَرَاهِمَ وَإِنْ قَالَ‏:‏ ‏"‏ ده يَا زده أَوْ ده دوازده ‏"‏ كُرِهَ أَيْضًا نَصًّا قَالَ‏:‏ لِأَنَّهُ بَيْعُ الْأَعَاجِمِ وَلِأَنَّ الثَّمَنَ قَدْ لَا يُعْلَمُ فِي الْحَالِ، وَمَعْنَى‏:‏ ده يازده ‏"‏‏:‏ الْعَشَرَةُ أَحَدَ عَشَرَ، وَمَعْنَى ‏"‏ ده دوازده ‏"‏‏:‏ الْعَشَرَةُ اثْنَا عَشَرَ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ فِي ‏(‏مُوَاضَعَةٍ وَهِيَ بَيْعٌ بِخُسْرَانٍ‏)‏ كَبِعْتُكَ بِرَأْسِ مَالِهِ مِائَةٍ وَوَضِيعَةِ عَشَرَةٍ ‏(‏وَكُرِهَ فِيهَا‏)‏ أَيْ الْمُوَاضَعَةِ‏.‏

‏(‏مَا كُرِهَ فِي مُرَابَحَةٍ‏)‏ كَعَلَيَّ أَنْ أَضَعَ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ دِرْهَمًا ‏(‏فَمَا ثَمَنُهُ‏)‏ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ ‏(‏مِائَةً وَبَاعَهُ بِهِ‏)‏ أَيْ بِثَمَنِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ‏.‏

‏(‏وَوَضِيعَةِ دِرْهَمٍ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ، وَقَعَ‏)‏ الْبَيْعُ ‏(‏بِتِسْعِينَ‏)‏ لِسُقُوطِ عَشَرَةٍ مِنْ الْمِائَةِ ‏(‏وَ‏)‏ إنْ بَاعَهُ بِثَمَنِهِ الْمِائَةِ وَوَضِيعَةِ دِرْهَمٍ ‏(‏لِكُلِّ‏)‏ عَشَرَةٍ ‏(‏أَوْ عَنْ كُلِّ عَشَرَةٍ يَقَعُ‏)‏ الْبَيْعُ ‏(‏بِتِسْعِينَ وَعَشَرَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ‏)‏؛ لِأَنَّ الْحَطَّ فِي الصُّورَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْعَشَرَةِ فَيُحَطُّ مِنْ كُلِّ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ فَيَسْقُطُ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ تِسْعَةٌ وَمِنْ دِرْهَمٍ جُزْءٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْهُ فَيَبْقَى مَا ذُكِرَ ‏(‏وَلَا تَضُرُّ الْجَهَالَةُ حِينَئِذٍ‏)‏ وَقَعَ الْعَقْدُ ‏(‏لِزَوَالِهَا‏)‏ بَعْدُ ‏(‏بِالْحِسَابِ وَيُعْتَبَرُ لِلْأَرْبَعَةِ‏)‏ أَيْ التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُرَابَحَةِ وَالْمُوَاضَعَةِ ‏(‏عِلْمُهُمَا‏)‏ أَيْ الْعَاقِدَيْنِ ‏(‏بِرَأْسِ الْمَالِ‏)‏ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْبَيْعِ الْعِلْمُ بِالثَّمَنِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ وَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ إذَا ظَهَرَ الثَّمَنُ أَقَلَّ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ الْبَائِعُ تَبِعَ فِيهِ الْمُقْنِعَ وَهُوَ رِوَايَةُ حَنْبَلٍ‏.‏

‏(‏وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ‏)‏ أَيْ رَأْسُ الْمَالِ‏.‏

‏(‏مَتَى بَانَ أَقَلَّ‏)‏ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ بَائِعٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ‏(‏أَوْ‏)‏ بَانَ ‏(‏مُؤَجَّلًا‏)‏ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ ‏(‏حُطَّ الزَّائِدُ‏)‏ عَنْ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْأَرْبَعَةِ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهُ بِرَأْسِ مَالِهِ فَقَطْ أَوْ مَعَ مَا قَدَّرَهُ مِنْ رِبْحٍ أَوْ وَضِيعَةٍ فَإِذَا بَانَ رَأْسُ مَالٍ دُونَ مَا أَخْبَرَ بِهِ كَانَ مَبِيعًا بِهِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ، وَلَا خِيَارَ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِسْقَاطِ قَدْ زِيدَ خَيْرًا كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ مَعِيبًا فَبَانَ سَلِيمًا، وَكَمَا لَوْ وَكَّلَ مَنْ يَشْتَرِيهِ بِمِائَةٍ فَاشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ ‏(‏وَيُحَطُّ‏)‏ أَيْضًا ‏(‏قِسْطُهُ‏)‏ أَيْ الزَّائِدِ ‏(‏فِي مُرَابَحَةٍ‏)‏؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهُ ‏(‏وَيُنْقِصُهُ‏)‏ أَيْ الزَّائِدَ ‏(‏فِي مُوَاضَعَةٍ‏)‏ تَبَعًا لَهُ ‏(‏وَأَجَلِ‏)‏ ثَمَنٍ ‏(‏فِي مُؤَجَّلٍ‏)‏ لَمْ يُخْبِرْ بِهِ بَائِعٌ عَلَى وَجْهِهِ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهُ بِرَأْسِ مَالِهِ فَيَكُونُ عَلَى حُكْمِهِ وَأَجَلِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ إلَيْهِ بَائِعُهُ ‏(‏وَلَا خِيَارَ‏)‏ لِمُشْتَرٍ لِمَا تَقَدَّمَ ‏(‏وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى بَائِعٍ غَلَطًا‏)‏ فِي إخْبَارٍ بِرَأْسِ مَالٍ، كَأَنْ قَالَ‏:‏ اشْتَرَيْتُهُ بِعَشَرَةٍ، ثُمَّ قَالَ غَلِطْتُ بَلْ اشْتَرَيْتُهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ ‏(‏بِلَا بَيِّنَةٍ‏)‏ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ لِغَلَطِهِ عَلَى غَيْرِهِ أَشْبَهَ الْمُضَارِبَ إذْ الْغَلَطُ فِي الرِّبْحِ بَعْدَ أَنْ أَقَرَّ بِهِ ‏(‏فَلَوْ ادَّعَى عِلْمَ مُشْتَرٍ‏)‏ بِغَلَطِهِ ‏(‏لَمْ يَحْلِفْ‏)‏ مُشْتَرٍ ‏(‏وَإِنْ بَاعَ سِلْعَةً بِدُونِ ثَمَنِهَا‏)‏ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ ‏(‏عَالِمًا‏)‏ بِالنَّقْصِ عَنْ ثَمَنِهَا ‏(‏لَزِمَهُ‏)‏ الْبَيْعُ فَلَا خِيَارَ لَهُ ‏(‏وَإِنْ اشْتَرَاهُ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعَ تَوْلِيَةً أَوْ شَرِكَةً أَوْ مُرَابَحَةً أَوْ مُوَاضَعَةً ‏(‏مِمَّنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ‏)‏ كَأَحَدِ عَمُودَيْ نَسَبِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ، لَزِمَهُ أَنْ يُبَيِّنَ ‏(‏أَوْ‏)‏ اشْتَرَاهُ ‏(‏مِمَّنْ حَابَاهُ‏)‏ أَيْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِأَكْثَر مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ لَزِمَهُ أَنْ يُبَيِّنَ ‏(‏أَوْ‏)‏ اشْتَرَاهُ ‏(‏لِرَغْبَةٍ تَخُصُّهُ‏)‏ أَيْ الْمُشْتَرِي، كَدَارٍ بِجِوَارِ مَنْزِلِهِ، أَوْ أَمَةٍ لِرَضَاعِ وَلَدِهِ، لَزِمَهُ أَنْ يُبَيِّنَ ‏(‏أَوْ‏)‏ اشْتَرَاهُ ‏(‏لِمَوْسِمٍ ذَهَبَ‏)‏ كَاَلَّذِي يُبَاعُ عَلَى الْعَبْدِ إذَا اشْتَرَاهُ قُرْبَةً وَبَقِيَ عِنْدَهُ، لَزِمَهُ أَنْ يُبَيِّنَ ‏(‏أَوْ بَاعَ بَعْضَهُ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعِ ‏(‏بِقِسْطِهِ‏)‏ مِنْ الثَّمَنِ ‏(‏وَلَيْسَ‏)‏ الْمَبِيعُ بَعْضَهُ ‏(‏مِنْ الْمُتَمَاثِلَاتِ الْمُتَسَاوِيَةِ كَزَيْتٍ وَنَحْوِهِ‏)‏ مِنْ كُلِّ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ مُتَسَاوِي الْأَجْزَاءِ كَالثِّيَابِ وَنَحْوِهَا ‏(‏لَزِمَهُ أَنْ يُبَيِّنَ‏)‏ ذَلِكَ لِمُشْتَرٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَرْضَى بِهِ إذَا عَلِمَهُ‏.‏

كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَجَرَةً مُثْمِرَةً وَأَرَادَ بَيْعَهَا دُونَ ثَمَرَتِهَا مُرَابَحَةً وَنَحْوَهَا، وَإِنْ كَانَ زَيْتًا وَنَحْوَهُ جَازَ بَيْعُهُ مُرَابَحَةً وَنَحْوُهَا وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْحَالَ ‏(‏فَإِنْ كَتَمَ‏)‏ بَائِعٌ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ‏(‏خُيِّرَ مُشْتَرٍ بَيْنَ رَدٍّ وَإِمْسَاكٍ‏)‏ كَتَدْلِيسٍ وَكَذَا إنْ نَقَصَ الْمَبِيعُ بِمَرَضٍ أَوْ وِلَادَةٍ أَوْ عَيْبٍ أَوْ تَلَفِ بَعْضِهِ أَوْ أَخَذَ مُشْتَرٍ صُوفًا أَوْ لَبَنًا وَنَحْوَهُ كَانَ حِينَ بِيعَ أُخْبِرَ بِالْحَالِ ‏(‏وَمَا يُزَادُ فِي ثَمَنٍ‏)‏ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ ‏(‏أَوْ‏)‏ يُزَادُ فِي ‏(‏مُثَمَّنٍ‏)‏ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ ‏(‏أَوْ‏)‏ يُزَادُ فِي ‏(‏أَجَلٍ‏)‏ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ ‏(‏أَوْ‏)‏ يُزَادُ فِي ‏(‏خِيَارِ‏)‏ شَرْطٍ فِي بَيْعٍ يَلْحَقُ بِالْعَقْدِ فَيُخْبِرُ بِهِ كَأَصْلِهِ‏.‏

‏(‏أَوْ‏)‏ أَيْ وَمَا ‏(‏يُحَطُّ‏)‏ أَيْ يُوضَعُ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ مُثَمَّنٍ أَوْ أَجَلٍ أَوْ خِيَارٍ ‏(‏زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ‏)‏ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ ‏(‏يُلْحَقُ بِهِ‏)‏ أَيْ الْعَقْدِ فَيَجِبُ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ كَأَصْلِهِ تَنْزِيلًا لِحَالِ الْخِيَارِ مَنْزِلَةَ حَالِ الْعَقْدِ وَإِنْ حَطَّ الثَّمَنَ كُلَّهُ فَهِبَةٌ و‏(‏لَا‏)‏ يُلْحَقُ بِعَقْدٍ مَا زِيدَ أَوْ حُطَّ فِيمَا ذُكِرَ ‏(‏بَعْدَ لُزُومِهِ‏)‏ أَيْ الْعَقْدِ فَلَا يَجِبُ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ ‏(‏وَلَا إنْ جَنَى‏)‏ مَبِيعٌ ‏(‏فَفُدِيَ‏)‏ فَلَا يُلْحَقُ فِدَاؤُهُ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَزِدْ بِهِ الْمَبِيعُ ذَاتًا وَلَا قِيمَةً، وَإِنَّمَا هُوَ مُزِيلٌ لِنَقْصِهِ بِالْجِنَايَةِ وَكَذَا الْأَدْوِيَةُ وَالْمُؤْنَةُ وَالْكِسْوَةُ لَا تُلْحَقُ بِالثَّمَنِ وَإِنْ أَخْبَرَ بِالْحَالِ فَحَسَنٌ ‏(‏وَهِبَةُ مُشْتَرٍ لِوَكِيلٍ بَاعَهُ‏)‏ شَيْئًا مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ غَيْرِهِ ‏(‏كَزِيَادَةٍ‏)‏ فِي الثَّمَنِ، فَتَكُونُ لِبَائِعٍ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ، وَيُخْبِرُ بِهَا ‏(‏وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ‏)‏ فَهِبَةُ بَائِعٍ لِوَكِيلٍ اشْتَرَى مِنْهُ كَنَقْصٍ مِنْ الثَّمَنِ فَتَكُونُ لِمُشْتَرٍ وَيُخْبِرُ بِهَا ‏(‏وَإِنْ أَخَذَ مُشْتَرٍ أَرْشًا لِعَيْبٍ أَوْ جِنَايَةٍ أَخْبَرَ بِهِ‏)‏ إذَا بَاعَ مُرَابَحَةً وَنَحْوَهَا؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ فِي مُقَابَلَةِ جُزْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ قُلْتُ‏:‏ فَيُرَدُّ لِبَائِعٍ إنْ رُدَّ الْمَبِيعُ لِعَيْبٍ وَنَحْوِهِ و‏(‏لَا‏)‏ يَلْزَمُهُ إخْبَارٌ ‏(‏بِأَخْذِ نَمَاءٍ وَاسْتِخْدَامٍ وَوَطْءٍ لَمْ يُنْقِصْهُ‏)‏ الْوَطْءُ كَبِكْرٍ فَيَلْزَمُهُ الْإِخْبَارُ بِهِ كَمَا لَوْ وَطِئَهَا غَيْرُهُ وَأَخَذَ الْأَرْشَ ‏(‏وَإِنْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ وَعَمِلَ فِيهِ‏)‏ بِنَفْسِهِ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً ‏(‏أَوْ‏)‏ عَمِلَ ‏(‏غَيْرُهُ‏)‏ فِيهِ أَيْ الثَّوْبِ فَصَبَغَهُ أَوْ قَصَّرَهُ ‏(‏وَلَوْ بِأُجْرَةِ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً أَخْبَرَ بِهِ‏)‏ عَلَى وَجْهِهِ فَإِنْ ضَمَّهُ إلَى الثَّمَنِ وَأَخْبَرَ بِهِ كَانَ كَذِبًا وَتَغْرِيرًا لِلْمُشْتَرِي ‏(‏وَلَا يَجُوزُ‏)‏ قَوْلُهُ ‏(‏تَحَصَّلَ‏)‏ عَلَيَّ ‏(‏بِعِشْرِينَ‏)‏؛ لِأَنَّهُ تَلْبِيسٌ ‏(‏وَمِثْلُهُ أُجْرَةُ مَكَانِهِ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعِ ‏(‏وَ‏)‏ أُجْرَةُ ‏(‏كَيْلِهِ‏)‏ أَوْ أُجْرَةُ ‏(‏وَزْنِهِ‏)‏ وَسِمْسَارِهِ وَنَحْوِهِ، فَيُخْبِرُ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ، وَلَا يَضُمُّهُ إلَى الثَّمَنِ فَيُخْبِرُ بِهِ وَلَا يَقُولُ تَحَصَّلَ عَلَيَّ بِكَذَا‏.‏

وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِدَنَانِيرَ فَأَخْبَرَ بِدَرَاهِمَ وَعَكْسِهِ، أَوْ بِنَقْدٍ وَأَخْبَرَ بِعَرْضٍ وَنَحْوَهُ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ ‏(‏وَإِنْ بَاعَهُ‏)‏ أَيْ الثَّوْبَ ‏(‏بِخَمْسَةَ عَشَرَ‏)‏ وَقَدْ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ ‏(‏ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ أَخْبَرَ بِهِ‏)‏ عَلَى وَجْهِهِ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الصِّدْقِ وَأَقْرَبُ إلَى الْحَقِّ ‏(‏أَوْ حَطَّ‏)‏ الْخَمْسَةَ ‏(‏الرِّبْحَ مِنْ‏)‏ الْعَشَرَةِ ‏(‏الثَّمَنِ الثَّانِي وَأَخْبَرَ بِمَا بَقِيَ‏)‏ وَهُوَ خَمْسَةٌ فَيَقُولُ تَحَصَّلَ بِهَا لِأَنَّ الرِّبْحَ أَحَدُ نَوْعَيْ النَّمَاءِ فَوَجَبَ الْإِخْبَارُ بِهِ فِي الْمُرَابَحَةِ وَنَحْوِهَا كَالنَّمَاءِ مِنْ نَفْسِ الْمَبِيعِ كَالثَّمَرَةِ وَنَحْوِهَا‏.‏

‏(‏فَلَوْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ‏)‏ بِأَنْ اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةٍ وَبَاعَهُ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةٍ ‏(‏أَخْبَرَ بِالْحَالِ‏)‏ لِمَا تَقَدَّمَ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَعَلَّ مُرَادَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ الِاسْتِحْبَابُ فِي ذَلِكَ، لَا أَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ اللُّزُومِ ‏(‏وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ، اشْتَرَاهَا بِأَيِّ ثَمَنٍ كَانَ بَيَّنَهُ‏)‏ أَيْ الثَّمَنَ الثَّانِي وَلَا يَضُمُّ مَا خَسِرَهُ إلَيْهِ وَلَوْ رَخُصَتْ السِّلْعَةُ عَمَّا اشْتَرَاهَا بِهِ لَمْ يَلْزَمْ الْإِخْبَارُ بِهِ وَبَيْعُ الْمُسَاوَمَةِ أَسْهَلُ نَصًّا ‏(‏وَمَا بَاعَهُ اثْنَانِ‏)‏ مِنْ عَقَارٍ أَوْ غَيْرِهِ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا ‏(‏مُرَابَحَةً فَثَمَنُهُ‏)‏ بَيْنَهُمَا ‏(‏بِحَسَبِ مِلْكَيْهِمَا‏)‏ كَمُسَاوَمَةٍ‏.‏

و‏(‏لَا‏)‏ يَكُونُ ثَمَنُهُ ‏(‏عَلَى رَأْسِ مَالَيْهِمَا‏)‏؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ عِوَضُ الْمَبِيعِ، فَهُوَ عَلَى قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا الْقِسْمُ ‏(‏السَّابِعُ‏:‏ خِيَارٌ‏)‏ يَثْبُتُ ‏(‏لِاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ‏)‏ فِي الثَّمَنِ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ ‏(‏إذَا اخْتَلَفَا، أَوْ‏)‏ اخْتَلَفَتْ ‏(‏وَرَثَتُهُمَا‏)‏ أَوْ أَحَدُهُمَا وَوَرَثَةُ الْآخَرِ ‏(‏فِي قَدْرِ ثَمَنٍ‏)‏ بِأَنْ قَالَ بَائِعٌ أَوْ وَارِثُهُ‏:‏ الثَّمَنُ أَلْفٌ وَقَالَ مُشْتَرٍ أَوْ وَارِثُهُ‏:‏ الثَّمَنُ مِائَةٌ ‏(‏وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا‏)‏ تَحَالَفَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَمُنْكِرٌ صُورَةً، وَكَذَا حُكْمًا لِسَمَاعِ بَيِّنَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا ‏(‏أَوْ‏)‏ كَانَ ‏(‏لَهُمَا‏)‏ أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ بِمَا ادَّعَاهُ تَحَالَفَا لِتَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَتَسَاقُطِهِمَا، فَيَصِيرَانِ كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا وَإِذَا أَرَادَ التَّحَالُفَ ‏(‏حَلَفَ بَائِعٌ‏)‏ أَوَّلًا، لِقُوَّةِ جَنَبَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ يُرَدُّ إلَيْهِ ‏(‏مَا بِعْتُهُ بِكَذَا وَإِنَّمَا بِعْتُهُ بِكَذَا‏)‏ فَيَجْمَعُ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فَالنَّفْيُ لِمَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ وَالْإِثْبَاتُ لِمَا ادَّعَاهُ‏.‏

وَيُقَدَّمُ النَّفْيُ عَلَى الْإِثْبَاتِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْيَمِينِ ‏(‏ثُمَّ‏)‏ يَحْلِفُ ‏(‏مُشْتَرٍ مَا اشْتَرَيْتُهُ بِكَذَا وَإِنَّمَا اشْتَرَيْتُهُ بِكَذَا‏)‏ لِمَا تَقَدَّمَ وَيَحْلِفُ وَارِثٌ عَلَى الْبَتِّ إنْ عَلِمَ الثَّمَنَ وَإِلَّا فَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ ‏(‏ثُمَّ‏)‏ بَعْدَ تَحَالُفٍ ‏(‏إنْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا‏)‏ أَيْ الْعَاقِدَيْنِ ‏(‏بِقَوْلِ الْآخَرِ‏)‏ أُقِرَّ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ مَنْ رَضِيَ صَاحِبُهُ بِقَوْلِهِ مِنْهُمَا حَصَلَ لَهُ مَا ادَّعَاهُ، فَلَا خِيَارَ لَهُ ‏(‏أَوْ نَكَلَ‏)‏ أَحَدُهُمَا عَنْ الْيَمِينِ ‏(‏وَحَلَفَ الْآخَرُ أُقِرَّ‏)‏ الْعَقْدُ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْحَالِفُ مِنْهُمَا لِأَنَّ النُّكُولَ كَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَنْ نَكَلَ ‏(‏وَإِلَّا‏)‏ يَرْضَى أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ الْآخَرِ بَعْدَ التَّحَالُفِ ‏(‏فَلِكُلٍّ‏)‏ مِنْهُمَا ‏(‏الْفَسْخُ‏)‏ وَلَوْ بِلَا حَاكِمٍ لِأَنَّهُ اسْتِدْرَاكُ الظُّلَامَةِ أَشْبَهَ رَدَّ الْمَعِيبِ‏.‏

وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ بِنَفْسِ التَّحَالُفِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ صَحِيحٌ، فَلَمْ يَنْفَسِخْ بِاخْتِلَافِهِمَا وَتَعَارُضِهِمَا فِي الْحُجَّةِ، كَمَا لَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً‏.‏

‏(‏وَيَنْفَسِخُ‏)‏ الْبَيْعُ بِفَسْخِ أَحَدِهِمَا ‏(‏ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا‏)‏؛ لِأَنَّهُ فَسَخَ لِاسْتِدْرَاكِ الظِّلَامَةِ أَشْبَهَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ، أَوْ يُقَالُ فُسِخَ بِالتَّحَالُفِ فَوَقَعَ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا كَفُرْقَةِ اللِّعَانِ قَالَ ‏(‏الْمُنَقِّحُ‏:‏ فَإِنْ نَكَلَا‏)‏ أَيْ امْتَنَعَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي مِنْ الْحَلِفِ ‏(‏صَرَفَهُمَا‏)‏ الْحَاكِمُ ‏(‏كَمَا لَوْ نَكَلَ مَنْ تُرَدُّ عَلَيْهِ الْيَمِينُ‏)‏ عَلَى الْقَوْلِ بِرَدِّهَا وَهُوَ ضَعِيفٌ ‏(‏وَكَذَا إجَارَةٌ‏)‏ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْمُؤَجِّرَانِ أَوْ وَرَثَتُهُمَا فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ فَكَمَا تَقَدَّمَ ‏(‏فَإِذَا تَحَالَفَا‏)‏ أَيْ الْمُؤَجِّرَانِ أَوْ وَرَثَتُهُمَا ‏(‏وَفُسِخَتْ‏)‏ الْإِجَارَةُ ‏(‏بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةِ‏)‏ إجَارَةٍ ‏(‏ف‏)‏ عَلَى مُسْتَأْجِرٍ ‏(‏أُجْرَةُ مِثْلِ‏)‏ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ مُدَّةَ إجَارَةٍ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ فُسِخَتْ بَعْدَ تَحَالُفٍ ‏(‏فِي أَثْنَائِهَا‏)‏ أَيْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَعَلَى مُسْتَأْجِرٍ ‏(‏بِالْقِسْطِ‏)‏ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلٍ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَا تَلِفَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ ‏(‏وَيَحْلِفُ بَائِعٌ فَقَطْ‏)‏ إنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ ثَمَنٍ ‏(‏بَعْدَ قَبْضِ ثَمَنٍ وَفَسْخِ عَقْدٍ‏)‏ بِتَقَايُلٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ مُنْكِرٌ لِمَا يَدَّعِيه الْمُشْتَرِي بَعْدَ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْقَبْضِ ‏(‏وَإِنْ تَلِفَ مَبِيعٌ‏)‏ وَاخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي قَدْرِ ثَمَنِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ ‏(‏تَحَالَفَا‏)‏ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ بَاقِيَا ‏(‏وَغَرِمَ مُشْتَرٍ قِيمَتَهُ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعِ إنْ فُسِخَ الْبَيْعُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مِثْلِيًّا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَدْخُلْ بِالْعَقْدِ عَلَى ضَمَانِهِ بِالْمِثْلِ‏.‏

وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا ‏{‏إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا تَحَالَفَا‏}‏‏.‏

قَالَ أَحْمَدُ‏:‏ لَمْ يَقُلْ فِيهِ ‏"‏ وَالْمَبِيعُ قَائِمٌ ‏"‏ إلَّا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَقَدْ أَخْطَأَ، رَوَاهُ الْخَلْقُ الْكَثِيرُ عَنْ الْمَسْعُودِيِّ وَلَمْ يَقُولُوا هَذِهِ الْكَلِمَةَ وَلَكِنَّهَا فِي حَدِيثِ مَعْنٍ ‏(‏وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ‏)‏ أَيْ الْمُشْتَرِي ‏(‏فِيهَا‏)‏ أَيْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ التَّالِفِ نَصًّا لِأَنَّهُ غَارِمٌ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ يُقْبَلُ قَوْلُ مُشْتَرٍ ‏(‏فِي قَدْرِهِ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعِ التَّالِفِ ‏(‏وَ‏)‏ فِي ‏(‏صِفَتِهِ‏)‏ بِأَنْ قَالَ‏:‏ بَائِعٌ كَانَ الْعَبْدُ كَاتِبًا وَأَنْكَرَهُ مُشْتَرٍ فَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ غَارِمٌ ‏(‏وَإِنْ تَعَيَّبَ‏)‏ مَبِيعٌ عِنْدَ مُشْتَرٍ قَبْلَ تَلَفِهِ ‏(‏ضُمَّ أَرْشُهُ إلَيْهِ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعِ أَيْ بَدَلُهُ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ حِينَ التَّعَيُّبِ ‏(‏وَكَذَا كُلُّ غَارِمٍ‏)‏ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي قِيمَةِ مَا يَغْرَمُهُ وَقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ كَمُشْتَرٍ و‏(‏لَا‏)‏ يُقْبَلُ ‏(‏وَصْفُهُ‏)‏ أَيْ وَصْفُ مُشْتَرٍ الْمَبِيعَ التَّالِفَ، أَوْ الْغَارِمِ لِمَا يَغْرَمُهُ ‏(‏بِعَيْبٍ‏)‏؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ ‏(‏وَإِنْ ثَبَتَ‏)‏ أَنَّهُ مَعِيبٌ ‏(‏قَبْلَ دُخُولِهِ‏)‏ أَيْ الْمُشْتَرِي أَوْ الْغَارِمِ ‏(‏فِي تَقَدُّمِهِ‏)‏ أَيْ الْعَيْبِ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ التَّلَفِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِمَّا يَدَّعِي عَلَيْهِ‏.‏

الْقِسْمُ ‏(‏الثَّامِنُ خِيَارٌ يَثْبُتُ لِلْخُلْفِ فِي الصِّفَةِ‏)‏ إذَا بَاعَهُ بِالْوَصْفِ ‏(‏وَلِتَغَيُّرِ مَا تَقَدَّمَتْ رُؤْيَتُهُ‏)‏ الْبَيْعَ وَتَقَدَّمَ فِي السَّادِسِ مِنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ فَصْلٌ وَإِنْ اخْتَلَفَا أَيْ الْبَائِعَانِ فِي صِفَةِ الثَّمَنِ اتَّفَقَا عَلَى ذِكْرِهِ فِي الْبَيْعِ ‏(‏أُخِذَ نَقْدُ الْبَلَدِ‏)‏ نَصًّا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُمَا لَا يَعْقِدَانِ إلَّا بِهِ ‏(‏ثُمَّ‏)‏ إنْ تَعَدَّدَ نَقْدُ الْبَلَدِ أُخِذَ ‏(‏غَالِبَهُ رَوَاجًا‏)‏ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُقُوعُ الْعَقْدِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ بِهِ أَكْثَرُ وَإِذَا اسْتَوَتْ‏)‏ نُقُودُ الْبَلَدِ رَوَاجًا ‏(‏فَالْوَسَطُ‏)‏ مِنْهَا تَسْوِيَةً بَيْنَ حَقَّيْهِمَا وَدَفْعًا لِلْمَيْلِ عَلَى أَحَدِهِمَا وَعَلَى مُدَّعِي الْمَأْخُوذِ الْيَمِينُ لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ خَصْمُهُ وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ إلَى مَا ذُكِرَ حَيْثُ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا فَإِنْ ادَّعَيَا غَيْرَهُ تَعَيَّنَ التَّحَالُفُ ذَكَرَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ ‏(‏وَ‏)‏ إنْ اخْتَلَفَا ‏(‏فِي شَرْطٍ صَحِيحٍ أَوْ‏)‏ شَرْطٍ ‏(‏فَاسِدٍ أَوْ‏)‏ فِي ‏(‏أَجَلٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ قَدْرِهِمَا‏)‏ أَيْ الْأَجَلِ فِي غَيْرِ سَلَمٍ وَالرَّهْنِ ‏(‏أَوْ‏)‏ فِي شَرْطِ ‏(‏ضَمِينٍ فَقَوْلُ مُنْكِرِهِ‏)‏ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ ‏(‏كَ‏)‏ مَا يُقْبَلُ قَوْلُ مُنْكِرٍ ‏(‏مُفْسِدٍ‏)‏ لِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ فَإِذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا مَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ مِنْ سَفَهٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ إكْرَاهٍ أَوْ عَبْدٍ عَدِمَ إذْنَ سَيِّدِهِ وَنَحْوِهِ وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ فَقَوْلُ الْمُنْكِرِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ الصِّحَّةُ، وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ مُدَّعٍ وَقِيلَ يَتَسَاقَطَانِ ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَتَأْتِي دَعْوَى الْإِكْرَاهِ فِي الْإِقْرَارِ ‏(‏وَ‏)‏ إنْ اخْتَلَفَا ‏(‏فِي قَدْرِ مَبِيعٍ‏)‏ بِأَنْ قَالَ بَائِعٌ‏:‏ بِعْتُكَ قَفِيزَيْنِ، فَقَالَ مُشْتَرٍ بَلْ ثَلَاثَةً، فَقَوْلُ بَائِعٍ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلزِّيَادَةِ وَالْبَيْعِ بِتَعَدُّدِ الْمَبِيعِ فَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي عَقْدًا آخَرَ يُنْكِرُهُ الْبَائِعُ بِخِلَافِ الِاخْتِلَافِ فِي الثَّمَنِ ‏(‏أَوْ‏)‏ فِي ‏(‏عَيْنِهِ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعِ كَبِعْتَنِي هَذِهِ الْجَارِيَةَ فَيَقُولُ بَلْ الْعَبْدَ ‏(‏فَقَوْلُ بَائِعٍ‏)‏ نَصًّا لِأَنَّهُ كَالْغَارِمِ وَلِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى وُجُوبِ الثَّمَنِ وَاخْتِلَافِهِمَا فِي التَّعْيِينِ ‏(‏وَإِنْ تَشَاحَّا فِي أَيِّهِمَا يُسَلِّمُ قَبْلَ‏)‏ الْآخَرِ فَقَالَ الْبَائِعُ لَا أُسَلِّمُ الْمَبِيعَ حَتَّى أُسَلَّمَ الثَّمَنَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا أُسَلِّمُ الثَّمَنَ حَتَّى أَتَسَلَّمَ الْمَبِيعَ ‏(‏وَالثَّمَنُ عَيْنٌ‏)‏ أَيْ مُعَيَّنٌ فِي الْعَقْدِ ‏(‏نُصِّبَ عَدْلٌ‏)‏ أَيْ نَصَّبَهُ الْحَاكِمُ لِيَقْطَعَ النِّزَاعَ ‏(‏يَقْبِضُ مِنْهُمَا‏)‏ الثَّمَنَ وَالْمُثَمَّنَ ‏(‏وَيُسَلِّمُ الْمَبِيعَ‏)‏ لِمُشْتَرٍ ‏(‏ثُمَّ‏)‏ يُسَلِّمُ ‏(‏الثَّمَنَ‏)‏ لِبَائِعٍ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْمَبِيعِ مِنْ تَتِمَّاتِ الْبَيْعِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَاسْتِحْقَاقُ الثَّمَنِ مُرَتَّبٌ عَلَى تَمَامِ الْبَيْعِ وَلِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ ‏(‏وَإِنْ كَانَ‏)‏ الثَّمَنُ ‏(‏دَيْنًا ثُمَّ أُجْبِرَ بَائِعٌ‏)‏ عَلَى تَسْلِيمِ مَبِيعٍ لِتَعَلُّقِ حَقِّ مُشْتَرٍ بِعَيْنِهِ ‏(‏ثُمَّ‏)‏ أُجْبِرَ ‏(‏مُشْتَرٍ‏)‏ عَلَى تَسْلِيمِ ثَمَنٍ ‏(‏إنْ كَانَ الثَّمَنُ حَالًّا بِالْمَجْلِسِ‏)‏ لِوُجُوبِ دَفْعِهِ عَلَيْهِ فَوْرًا لِإِمْكَانِهِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ عَلَى ثَمَنِهِ ‏(‏وَإِنْ كَانَ‏)‏ الثَّمَنُ حَالًّا ‏(‏دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ حُجِرَ عَلَى مُشْتَرٍ فِي مَالِهِ كُلِّهِ‏)‏ حَتَّى الْمَبِيعِ ‏(‏حَتَّى يُسَلِّمَهُ‏)‏ أَيْ الثَّمَنَ خَوْفًا مِنْ تَصَرُّفِهِ فِيهِ، فَيَضُرُّ بِبَائِعٍ‏.‏

‏(‏وَإِنْ غَيَّبَهُ‏)‏ أَيْ غَيَّبَ مُشْتَرٍ مَالَهُ ‏(‏بِ‏)‏ بَلَدٍ ‏(‏بَعِيدٍ‏)‏ مَسَافَةَ قَصْرٍ ‏(‏أَوْ كَانَ‏)‏ مَالُهُ ‏(‏بِهِ‏)‏ أَيْ الْبَلَدِ الْبَعِيدِ ابْتِدَاءً ‏(‏أَوْ ظَهَرَ عُسْرُهُ‏)‏ أَيْ الْمُشْتَرِي ‏(‏فَلِبَائِعٍ الْفَسْخُ‏)‏ لِتَعَذُّرِ قَبْضِ الثَّمَنِ عَلَيْهِ ‏(‏كَمُفْلِسٍ‏)‏ أَيْ كَمَا لَوْ ظَهَرَ الْمُشْتَرِي مُفْلِسًا ‏(‏وَكَذَا‏)‏ أَيْ كَبَائِعٍ فِيمَا ذُكِرَ ‏(‏مُؤَجِّرٌ بِنَقْدٍ حَالٍّ‏)‏ فَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا لَمْ يُطَالَبْ بِهِ حَتَّى يَحِلَّ ‏(‏وَإِنْ أَحْضَرَ‏)‏ مُشْتَرٍ ‏(‏بَعْضَ الثَّمَنِ لَمْ يَمْلِكْ أَخْذَ مَا يُقَابِلُهُ‏)‏ مِنْ مَبِيعٍ ‏(‏إنْ نَقَصَ‏)‏ مَبِيعٌ ‏(‏بِتَشْقِيصٍ‏)‏ كَمِصْرَاعَيْ بَابٍ، وَقُلْنَا‏:‏ لِبَائِعٍ حَبْسُ مَبِيعِهِ عَلَى ثَمَنِهِ لِئَلَّا يَتَصَرَّفَ فِيهِ وَلَا يَقْدِرَ عَلَى بَاقِ الثَّمَنِ فَيَتَضَرَّرَ بَائِعٌ بِنَقْصِ مَا بَقِيَ بِيَدِهِ مِنْ مَبِيعٍ ‏(‏ وَلَا يَمْلِكُ بَائِعٌ مُطَالَبَةً بِثَمَنٍ بِذِمَّةٍ‏)‏ زَمَنَ خِيَارٍ ‏(‏وَلَا‏)‏ يَمْلِكُ ‏(‏أَحَدُهُمَا قَبْضَ مُعَيَّنٍ‏)‏ مِنْ ثَمَنِ مُثَمَّنٍ ‏(‏زَمَنَ خِيَارِ شَرْطٍ‏)‏ أَوْ مَجْلِسٍ ‏(‏بِغَيْرِ إذْنٍ صَرِيحٍ‏)‏ فِي قَبْضِهِ ‏(‏مِمَّنْ الْخِيَارُ لَهُ‏)‏ لِعَدَمِ انْقِطَاعِ تَعَلُّقِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ عَنْهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَى بَائِعٍ تَسْلِيمُ مَبِيعٍ فَلِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ‏.‏